ما تقدم من الأحاديث. وأما قوله في حديث الدارقطني (إِلَّا بِمَكَّةَ) فإنه لم يصح، فلا يشتغل به. نكتة أصولية: لا خلاف بين المتقدمين والمتأخرين من العلماء أن العام والخاص إذا تنافيا فإنهما يتعارضان كقوله تعالى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} (?) فإنه أمر بالقتل، وقوله، - صلى الله عليه وسلم -: (نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصبْيَانِ) (?) منع من القتل مخرج للمرأة عن قوله {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} بنص عن نص، ومخرج لقتل الصبيان عن قتل المشركين بظاهر عن نص، فإذا تماثل الخبران في الحكمين وأحدهما عام والآخر خاص فلا خلاف بين العلماء المتقدمين والمتأخرين إلى زماننا هذا أنهما يتوافقان كقوله (لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتى تَطْلعَ الشَّمْسُ)، وقوله (لاَ تَجرُّوا بِصَلَاتِكُمْ طلُوعَ الشَّمْسِ) فإنهما متماثلان في الحكم المبين به (وأحدهما أعم من الآخر، يتماثل العام والخاص لكن يقيد الخاص مزيد تأكيده في الحكم المبين به) (?)، فاحتفظوا بهذا الأصل فقد زلت فيه أمة ثم وجدنا النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قد قال: "مَنْ نَامَ عَنْ صَلاَةٍ أوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّها إِذَا ذَكَرَهَا" (?) فتعارض هذا الأمر (إِذَا ذَكرهَا) بعد الصبح مع النهي عن الصلاة بعد الصبح، فقدَّم مالك (?) والشافعي الأمر على النهى (?)، وقدَّم أبو حنيفة (?) النهي على الأمر، ولقد كان على قبلة لو تمادى عليها، ولكنه ناقض فقال: إن تذكر صبح اليوم أو عصر اليوم في وقت النهي صلاهما (?)، فتناقض مناقضة