حديث أبي هريرة (مَن قَالَ لَا إِلهَ إلاَّ الله) (?) إلى آخره. هذا أفضل كلام قاله النبي، - صلى الله عليه وسلم -، والنبيون من قبله، وإنما كان أفضل بما جمع من المعنى، وذلك لأن قوله لا إِله إلا الله نفيٌ لكل إلهٍ سواه بجميع المعاني وقوله (وَحْدَهُ) تأكيد للنفي من كل وجه، وقوله (لَا شَريكَ لَهُ) إشارة إلى نفي أن يكون هو جعله معيناً أو ظهيراً كما كانت العرب تقول (لَبيْكَ لَا شَرِيكَ لَك إلاَّ شَرِيكاً هُوَ لَكَ تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَك) (?) وقوله (لَهُ المُلْكُ) بيان أن له الخلق والتصريف والتكليف والهداية والإِخلال والثواب والعقاب، والملك عبارة عما يتصرف في المخلوقات من القضايا والتدبيرات، وقوله (وَلَهُ الحَمْدُ) بيان بأن الخير بوجود ذلك كله راجع إليه والثناء فيه عائد عليه، وقوله (وَهُوَ عَلَى كُلٍّ شَيْءٍ قَدِيرٍ) بيان لأن قدرته ليست فيما ظهر خاصة بل هو قادر على ما ظهر وما لم يظهر وعلى ما وجد وعلى ما لم يوجد. وأما ما ورد من مغفرة. الذنوب ومحو الخطايا بهذه الأذكار فقد تقدم، لكنا نجدّد به عهداً لما طرأ ها هنا من الزيادة وهي قوله (غُفِرَت لَهُ ذُنُوبُهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثُل زَبَدِ الْبَحْرِ).
إعلموا، وفقكم الله تعالى، أن غفران السيئات يكون بثلاثة أوجه:
الأول: إما بفضل الله ورحمته ابتداء كقوله في الحديث (يَقْولُ لَهْ: عَبْدِي أتَذْكرُ يَوْمَ كَذَا إذْ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا حَتَّى إذَا رَأَى الرَّجُلَ أَنْ قَدْ هَلَك يَقُولُ أَنَا سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ في الدَّنْيَا وَأَنَا