السماء الدنيا (?)، ثم نزل منجَّمًا بعد ذلك مرة إثر أخرى حتى استوفاه الله تعالى. فلما استوفاه استأثر الله برسول ورفعه إليه إلى الرفيق الأعلى، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قَامَ رَمضانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" (?)، يريد بقوله: (إِيمَانًا) أن فرضه من عند الله، وأن عبادته فيه إنما هي لله تعالى إذ الأعمال كلها تحتمل أن تكون لله ولغيره، ولا عبرة بها إلا أن تكون لله على نية امتثال أمره والتقرّب إليه كمن توضأ تبرُّدًا لا يعتد به عبادة، وكذلك من صام إجمامًا لمعدته لا يعد عبادة، ولذلك قال علماء الحقائق أن الرجل إذا قال أصوم غدًا يقصد بذلك التطبب إنه لا يجزيه (?) وكذلك لو قصد بالصلاة رياضة أعضائه لم يجز أيضًا حتى ينوي بذلك الخدمة لمن تجب له القربة.
وأما قوله: "احتسابًا" فمذهب المنقطعين إلى الله تعالى أن معناه يصومه لامتثال الأمر لا لطلب الأجر، ومن مذهبهم أن الإخلاص في العبادات إنما يكون بأن يطيع الرجل ربه محبه فيه لا يستجلب بذلك جنة ولا يدفع بذلك نارًا (?)، ويروي في ذلك عن عمر بن