انْظروا هَلْ لِعَبْدي مِنْ تَطَوُّعٍ فَكَلِّمُوا لَهُ بِهَا فَرِيضَتَهُ (?)

واختلف الناس في هذا التكميل؛ فمنهم من قال: إن ترك العصر مثلاً وصلَّى أربع ركعات متنفّلاً جُبرت بها، وقال أرباب القلوب: لا يرقع الجديد بالخرق (?). والذي أراه، وهو الأولى بنا والأقوى في أدلتنا، أن رجلاً إن عزبت نيته مغلوباً أن صلاته كلها مقبولة لأن الله تعالى قد رفع الحرج عنا وإنما بقيت ههنا نكتة أصولية، ننبِّهكم عليها حتى تكونوا من أهلها، إن شاء الله تعالى، وهو أن عزوب النية إن كان بأمر عرض في الصلاة، وبسبب عارض، فالمسألة كما ذكرنا، من غير شك، وإن كانت بأسباب متقدمة قد لزمت العبد من الانهماك في الدنيا والتعلّق بعلائقها الزائدة والتشبث بفضولها التي يستغنى عنها، فيقوى ههنا ترك الاعتداد بالصلاة لأن ذلك من قبله وسببه واقع باختياره. ألا ترى النبيَّ، - صلى الله عليه وسلم -، لما ألهته الخميصة عن لحظة في الصلاة ونظر إلى علمها كيف أخرجها من بيته وأسقط المنفعة بها أصلاً حتى لا يتعلق له بها خاطر، فكان الذي أصابه في الصلاة من الإِقبال على الأعلام بحكم البشرية، وكان إخراجها عن ملكه حتى تسلم عبادته مرتبة النبوَّة، وقد روى أبو داود أنه قال: "اذْهَبُوا بِهذِهِ الْخَمِيصَة إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَأْتُونِي بِكَرْدِيَّةٍ فَقَالُوا: يَا رَسولَ الله الْخَمِيصَةُ كَانَتْ خَيْراً مِنَ آلْكَرْدِيّ" (?) (?) واختار - صلى الله عليه وسلم - الخير من جهة العبادة على الخير من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015