السلام من ثلاث في حديث عمران، وقد جرى له أيضاً مثل ذلك في السلام من خمس في حديث ابن مسعود، رضي الله عنه، وهذا جمود لا يليق بمرتبة سحنون ولا بتدقيقه في الفروع والصحيح أنه جائز كما قلناه في كل مسألة.

مسألة أصولية:

قد بيَّنَّا في المتوسط والمقسط وغيرهما القول في عصمة الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم، من الذنوب وبيَّنَّا، في كتاب المشكلين، تأويل ما ورد في ذلك في القرآن ظاهراً، ورددناه إلى أصل العصمة بالدليل وهو الذي ندين الله تعالى به ونجزم القول على أنهم معصومون، وإن كان الناس قد اختلفوا في الذنوب المتعلّقة بالأفعال فقد اتفقوا على أن الكذب لا يجوز أن يقع منهم لا سهواً ولا عمداً؛ لأن القول هو الذي يتبين به الشرع، فلو جاز أن يتطرق إليه ذلك لما وقعت الثقة فيه بالبيان، فإذا ثبت هذا عدنا إلى قوله، - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّ ذلِكَ لَمْ يَكُنْ" وفي رواية أخرى "فَلَمْ تُقْصَرْ وَلَمْ أَنسَ" (?)، وقد كان، - صلى الله عليه وسلم -، نسي فإن لم يسلّم متعمداً؛ فمن الناس من قال: هذا نسيان قيل له (?): فيه على ذلك إخبار عما كان بأنه لم يكن، وهذا لا يجوز نسياناً عليه لأنه من باب الكذب. سمعت شيخنا (?) أبا (?) المظفر شاهفور (?) يقول. أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لم يقصر صحيح. وقوله: لم أنسَ لم يرد به ولم أنسَ الركعتين، وإنما أراد به ولم أسلّم ساهياً بل سلّمت متعمِّداً، وقد بيَّنَّا تمام الكلام في كتاب المشكلين. وقد اختلف الناس في رجوع النبيّ،- صلى الله عليه وسلم -، إلى القصد هل كان بما ظهر إليه ورأى أم كان بقول الناس وشهادتهم عنده؟ وهذا فصل اختلف الناس فيه وتحزَّبوا كثيراً. فإن وقفنا أنفسنا على النظر فالظاهر أنه عمل بشهادتهم (وكذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015