وَجَسَّاسٌ (?) لَحَّاس (?)، فلا يمتنع أن يكون له حصاص لا سيما وهو أذل له في الفرار، وأبلغ لدخول الرعب في قلبه، وأدعى لذهاب قوته حتى لا يملك نفسه من خوف ذكر الله تعالى، وفي الحديث: "لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ لَعَنَ (?) الله الشَّيْطَانَ فَإِنَّهُ إِذا سَمِعَهَا تَعَاظَمَ حَتَّى يَصِيرَ كَالْجَبَلِ وَلْيَقُلْ أَعُوذُ بِالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ فَإِنَّهُ إِذَا قَالَها تَضَاءَلَ وَتَصَاغَرَ" (?) وهذا حديث صحيح خرّجه النسائي، ولأن الله تعالى قال له: {وَأَن عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدَينِ} (?) فما أثَّر ذلك فيه، فكيف يسأل عن لعنة غير الله تعالى.

وأما المجاز في معنى الحديث فهو متَّسع ويكون استعارة وعبارة عن فراره ذليلًا خاسياً، كما يفر العير الضروط، وقوله: "حَتَّى يَخْطُرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ" يعني بذلك الوسوسة وهو أمر مكَّن الله تعالى منه الشيطانَ في الإنسان، وجعل دواءه الاستعاذة فقال تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (?).

وهذا ما لم تتمكن الشهوات في القلوب ولم تَحْلَوْلِ (?) المعاصي في النفوس ولا ارتبطت العلائق بالهوى حتى غلبت النفس فليس دواؤها حينئذ الاستعاذة وإنّما ينفع فيها التوبة بحذف الشهوات وقطع العلائق والاستبصار بالحقائق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015