واختلط على العلماء أمر المختلطة، وتحيروا في أمر المتحيرة، ولو أردنا أن نسر كلامهم أو نبيِّن مراميهم لاتسع الخرق وخرج الأمر عن الضبط وأشبه ما في ذلك أحد أصول مالك، رضي الله عنه، وهو أنَّ دم المرأة إذا خرج عن الاعتياد فهي مستحِاضة تصوم وتصلّي ويأتيها زوجها حتى ترى دماً متغيراً فتعمل عليه، فإن تمادى بها فلا تخلو أن تكون مبتدأة أو معتادة، فإن كانت مبتدأة فلتمسك أيام لدّاتها، وإن كانت معتادة فلتمسك قدر عادتها، وقيل تستظهر بثلاثة أيام, والاستظهار مشهور في المذهب ضعيف في الحديث، وقيل تتمادى إلى خمسة عشر يوماً، وهو أكثر الحيض. وروي عن ابن نافع (?) وابن الماجشون (?) إن أكثر الحيض سبعة عشر يوماً، وهي رواية ضعيفة لا أصل لها والدليل على صحة ذلك أن الله، تبارك وتعالى، جعل عدة الحائض ثلاثة أقراء، وجعل عدة اليائسة ثلاثة أشهر، فقابل كل قرء بشهر، ولا يخلو أن يقابله بأكثر من الحيض (?) وأكثر الطهر، وذلك محال؛ لأن أكثر الطهر لا حدّ له أو بأقلهما وذلك أيضاً محال لأن أقل الحيض لا حد له فلم يبق إلا أنه قابله بأقل الطهر وأكثر الحيض وذلك خمسة عشر يوماً، وعلى هذه الأصول التي بيَّنَّا تتفرع جميع مسائل الحيض إن شاء الله.