هذه مسألة اختلف الصحابة فيها فكان ابن مسعود، رضي الله عنه، يرى ألاَّ يتيمم الجنب ويقول: لَوْ رَخَّصْنَا لَهُمْ (?) فِي ذلِكَ لأوْشَكَ إِذَا بَرَدَ عَلَيْهِمِ الْمَاءُ أَنْ يَدَعُوهُ ويتَيَمَّمُوا (?). وهذا رد للنصّ بالذريعة وذلك لا يجوز، وإنما علينا أن ننزل الشرع منازله ونضعه مواضعه فمن تعدّاها فقد ظلم نفسه. وقد سأل رجل عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، عن الجنب هل يتيمم؟ فقال عمر، رضي الله عنه: لا يتيمم، فقال له عمّار: أَمَا تَذْكُر يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ كُنَّا في سَرِيَّةٍ فَأَجْنَبْنَا فَلَمْ نَجِدِ الْمَاءَ فَأَمَّا أَنَا فَتَمَرَّغْت في التُّرَابِ كَمَا تَتَمَرَّغ الْدَّابةُ، فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ، - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: "إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْكَفَّين". فَقَالَ لَهُ عُمَر، رَضيَ الله عَنْهُ. إتَقِ الله يَا عَمَّارُ: فَقَالَ عَمَّارُ إنْ شِئْتَ يَا أَمِير اْلمُؤْمِنِينَ لَمْ أُحَدِّثْ بِهِ، فَقَالَ لَهُ: بَلْ نوَلِّيكَ مِنْ ذلِكَ مَا تَوَلَّيْتَ (?). وهذا كله ينبني على أصل، وهو الكلام على آية الوضوء وترتيبها والأحكام فيها وكيف مساقها، وقد سمعت أصحابنا بالمشرق يقولون إن فيها ألف سؤال وحشدوا واجتهدوا فكيف (?) حتى، بلغوها ثمانمائة ولكن