كما ألفت الكتب على المساند كمسند أبي داود الطيالسي (ت 204)، ومسند الإِمام أحمد (ت 241)، ومسند بقي بن مخلد (ت 276).
كما ألفت كتب مرتَّبة على أبواب الفقه، وممن سلك هذا الطريق محمَّد بن إسماعيل البخاري (ت 256)، وجرى على منواله الإِمام مسلم بن الحجاج النيسابوري (261) في صحيحه، وقد تابعهم في الترتيب على أبواب الفقه معاصروهم والمتأخرون عنهم مثل:
أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني (ت 273) في سننه.
ابن ماجه محمَّد بن يزيد (ت 273) في سننه.
الترمذي محمَّد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت 279) في جامعه.
النسائي أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي (ت 303) في سننه.
وقد اعتبر العلماء القرن الثالث أسعد عصور السنة وأزهاها؛ ففيه دُوِّنت الكتب الستة التي اعتمدها الأئمة ونشطت رحلة العلماء، وكان اعتمادهم على الحفظ والتدوين معاً فكان النشاط العلمي قوياً خلاله .. لذلك اعتبر الذهبي رأس سنة ثلثمائة للهجرة الحد الفاصل بين المتقدمين والمتأخرين من نقاد الحديث (?).
لما كان موطّأ مالك بن أنس، رضي الله عنه، من أهم دواوين السنة، وهو الكتاب الذي اشتمل على صحيح الحديث وعلى المأثور عن الصحابة والتابعين وعمل أهل المدينة وعلى الكثير من الآراء الفقهية والأحكام الشرعية التي قال بها إمام دار الهجرة، أحببت أن يكون موضوع رسالتي، وقد نال هذا الموطّأ عناية كثير من العلماء الذين صنَّفوا في أسانيده وشرحوا متنه وأولوه اهتمامهم البالغ.
وإن كانت طُبعت بعض هذه الشروح ويُسِّر للناس الاستفادة منها، فإن بعضها ما زال ضمن المخطوطات النادرة التي لا تصل إليها أيدي القراء بيسر، ولا تتحقق الاستفادة منها لطبقة واسعة من رواد الحديث والفقه، ومن هذه الشروح البعيدة عن أيدي عامة القراء:
كتاب القبس في شرح موطّأ مالك بن أنس للقاضي أبي بكر بن العربي المعافري الأشبيلي المتوفى (543 هـ).