قال تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} (?) قال الزبير بن العوَّام: (ما كنا نرى أن أحدًا منّا يقعُ فيها فإذا نحنُ الذين أُصِبنا بها) (?)، وقال ابنُ عباس: (هذه الآية في أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم - خاصَّة) (?) وخطبَ أبو بكر الصديق الناس فقال: "يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية وتتأوّلونها على غير تأويلها {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} وإن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده" (?). وروت عائشة رضي الله عنها في حديث الجيش الذي يخسف به في البيداء، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يعمهم العقاب ثم يحشر كل أحد على نيته) (?) وبين ظاهر الأحاديث تعارض والذي يضم نشره أن الأدلة القاطعة قد قامت على أن أحدًا لا يعاقب بذنب أحدٍ لا على العموم ولا على الخصوص، ولكن من ذنوب العامة والخاصة: التواطوء بالباطل وترك التناهي عن المنكر وهو الذي عاب الله تعالى على قوم لوطٍ وهو الذي أنكر على بني إسرائيل في قوله تعالى: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} (?) وذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض العالمين وخلافة المرسلين ومصلحة الخلق أجمعين وآكد فروض الدين، فإذا ترك عُوْجل الناس بالعقوبة، وقوله {وَاتَّقُوا فِتْنَةً} الآية، آية مشكلة, لأنّ قوله {إتَّقُوا} أمر، وقوله {لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ} نهي، بدليل دخول النون الثقيلة في فعله فيبقى الأمر بلا جواب، وقد اختلف الناس فيها اختلافًا متباينًا على أقوالٍ: