المقصود معنى المنّ (?) أو ما يعُمّ وقال أبو حنيفة والشافعي يبيعه ويأكل ثمنه وهذه فتوى يهوديّة (?). حديث: قال عيسى ابن مريم: (يا بني إسرائيل عليكم بالماءِ القراح) (?) إلى آخره. خلق الله تعالى لابن آدم حاجةً إلى الطعام والشراب وركَّب له الشهوة أكثر من الحاجة وندبه إلى ترك الشهوات والاقتصار على المقدار المحتاج إليه مقدارًا وصفةً، لباسًا ومطعمًا فلا يأكلن كثيرًا ولا يلبسنَّ رقيقًا، ولذلك قال في الحديث (حسب ابن آدم لقيماتٍ يقمَن صلبه) (?) وندبَ إلى الاقتصار على جلف (?) الخبز والماء ولو أن الخلق بأجمعهم ينتدبون إلى ما ندبوا إليه من ذلك لهلكوا لأنها كانت تذهب القوة التي تكونُ بها عمارة الدنيا، وإقامة معاش الخلق فيها وإشباعهم فلم يكن بدّ من الزيادة في الأكل وجودًا لإقامة الدنيا وتهيئة أسبابها ولم يكن بدّ من الاقتصار على القليل لإقامة السنة ولتضعيف الشهوة حتى تستتر المعصية، وتظهر الطاعة ولما انتهى العلم والحكمة إلى هذا القدر قسم الله تعالى الخلق قسمين، قسمًا يسَّر لهم التقليل والطاعة، وقسمًا سخَّره للكثرة وقدَّر عليه المعصية وأمرَ الأنبياء عيسى ومحمداً وسواهما أن يندبوا الخلقَ في الجملة ثم يظهر بالتيسير من أرادَ الله بهِ العصمة ويظهر بالتسخير من قدَّر الله تعالى أن يقَع في الورطة وقول عيسى عليه السلام فإنكم لن تقوموا بشكره كلام صحيح، فإن شدة الجوع وستر العورة على الإطلاق والجملة بأول درجات الحاجة نعمة عظيمة، إذا أراد المرء أن يعلم مقدارها فلينظرها في سواه، وليقدرها في نفسِه، فكيف أن يضم إلى ذلك الإسراف حتى تنكسر الشهوة في لذة الطعام، وفي زينة اللباس وإذا استرسل على ذلك هَلك ولم يتأت له أملٌ، فإنه أمد لا غاية له ولهذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015