تحتها لأني كنت أقول أخاف أن تسقط علي بالذنوب ثم رأيت الظلمة والمتجاهرين بالمعاصي يدخلونها ثم يخرجون عنها سالمين فهممت بدخولها ثم قلت ولعلهم أمهلوا وأعاجل فتوقفت مرة ثم عزم علي فدخلت فرأيت العجب العجاب نمشي في حواشيها من كل جهة فنراها منفصلة عن الأرض لا يتصل بها من الأرض شيء وبعض الجهات أبعد انفصالًا من بعض.

وقول مالك رضي الله عنه في هذه الآية بديع لأنه جمع فيه بين الحقيقة والمجاز قال مالك "كل ما هو منزل من السماء بقوله: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ} ثم قال وكل شيء بقوله: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} ".

قوله تعالى: {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} (?) قال أشهب سمعت مالكاً يقول هي دمشق (?) قال القاضي ابن العربي رضي الله عنه اختلف الناقلون لكلام أهل الكتاب في شأن مريم وقد اتفقوا على أنها وضعت عيسى ببيت المقدس وقالوا إنها خرجت إلى العريش مغربة إلى جهة مصر وقالت طائفة إنها خرجت مشرقة إلى دمشق وهو الصحيح الذي نقل بالتواتر فأما وضعه فكان ببيت المقدس قطعاً منقولاً بالتواتر وحين وضعته وجعلته في مهده وهو فراشه الذي أنامته عليه ساخ الحجر بجلالة قدره فتراه متشكلاً وموضعه الركن الشرقي القبلي من المسجد الأقصى فلما خرجت به تقية على نفسها أو استحياء من حالها كان من أمرها ما قص الله عَزَّ وَجَلَّ في كتابه قال: {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ} فآوت إلى هذه الربوة وهي في سفح الغراب جبل دمشق الآخذ من أطراف الشام سائراً كذلك إلى بلاد الروم إلى خراسان وهو وأحد جبال الأرض في أعلاه رابطة على دم ولد آدم وقد تشكل في الحجر كأنه قد ذبح هنالك كبش فجرى فيه فما أثرت فيه الليالي والأيام وقد بُني في المأوى بأعلى الربوة مسجد فيه يتعبد الخلق دخلنا فيه مرارًا ودعونا الله فيها سرًا وجهارًا وإنما قال مالك لأشهب إنها دمشق رداً على من يقول إن مريم خرجت مغربة إلى العريش وليس في العريش ربوة ولا مأوى ولا معين (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015