يرجع معناه في صلاة العصر إلى الفوت المعقب لغروب الشمس لاختلاف العلماء في أن ما قبل غروب الشمس وقت اختياري للعصر أم لا. وإنما يتوجه الإشكال على من ينكر حبط الكبائر للأعمال. والذي يكشف الغطاء فيه ما مهَّدناه، في كتب الأصول، عند ذكر الآيات والأحاديت المتشابهة والجمع بينها وبين المحكمة وهتك الخفاء عن أن الأعمال لا يحبطها إلا الشرك وأن المعاصي والطاعات متعارضة حتى يحكم الله فيها للعبد بالخاتمة فإن مات على الإيمان فلابد من مغفرتها على أربعة (?):
أحدها: الخروج من النار، عافانا الله تعالى من ذلك، فاطلبوه هنالك بيد أنّا نذكر لكم ههنا دستوراً مختصراً يستشرف به المبتدى ويشرف به على الغاية المنتهى وذلك أن اللفظ العام (?) إذا ورد فلا يخلو إما أن يتعلق بالزمان أو بالأعيان أو بالأمكنة كقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (?) فهذه الآية ركن العموم. فإن فيها ذكر الأزمنة كلها كقوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ} وفيها ذكر الكفار بأجمعهم كقوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}. وفيها ذكر الأمكنة كقول: {حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} وفيها تعيين (?) الغاية لقوله: {فَإِنْ تَابُوا} فمثل هذه الآية هي التي يتعب في تخصيص عموماتها.
وأما قوله: "وَتِرَ أَهْلَهُ أَوْحَبِطَ عَمَلُهُ" فليس من ألفاظ العموم وإنما هو خبر عن حال أو صفة؛ فالذي يدَّعي عموم الصفة والحال هو الذي يلزمه الدليل. فإن قيل لقد عرفنا هذا الأصل حق معرفته فهل من مزيد بيان في تفصيل تأويله؟
قلنا: نعم. فيه وجهان: أما أحدهما فمعناه يوقف عمله عنه مدة يكون فيها بمنزلة المحبط حتى يأتيه من