القانون في الطب (صفحة 1633)

الذبول وقلما يقبل العلاج إِلَّا مَا شَاءَ الله وخصوصاً إِذا بلغ إِلَى أَن يدق اللَّحْم. فَإِذا فنيت هَذِه وَأخذت تفني الرطوبات الَّتِي من الْقسم الثَّالِث كَمَا تَأْخُذ الشعلة بحرق جرم الذبال ورطوباته الْأَصْلِيَّة كَانَت الدرجَة الثَّالِثَة وَيُسمى المفتت والمحشف وباليونانية أوماطيس يُحَقّق من أملسقون وَهَذِه الْعلَّة من الحميات الَّتِي لَا نَوَائِب لَهَا وَلَا أَوْقَات نَوَائِب وَقد قَالَ قوم: إِمَّا أَن يكون تعلق الْحمى الدقية بالرطوبات الْقَرِيبَة الْعَهْد بالجمود وَإِمَّا بِمثل اللَّحْم وَإِمَّا بالأعضاء الْأَصْلِيَّة الصلبة كالعظام والعصب وَهَذَا القَوْل إِن فهم مِنْهُ أَنه يتَعَلَّق على سَبِيل أَنه يفني مَا فِيهِ من الرُّطُوبَة الْمُتَّصِلَة بِهِ كَانَ وَالْمعْنَى الأول سَوَاء وَإِن عني أَن أول مَا يفنيه الدَّق هِيَ الرطوبات الْقَرِيبَة الْعَهْد بالجمود لم يكن القَوْل قولا صَحِيحا والدِّق قد يَقع بعد حمّى يَوْم وَقد يَقع بعد حميات العفونة والأورام وَيبعد أَن يعرض الدق ابْتِدَاء فَتكون الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة قد اشتعلت وَلم يشتعل خلط وَلَا روح قبل ذَلِك بل يجب أَن يسخن تِلْكَ أَولا ثمَّ على مر الْأَيَّام تسخن الْأَعْضَاء وَالسَّبَب الْوَاحِد قد يكون سَببا للدق وَقد يكون سَببا لحمى يَوْم بِسَبَب شدَّة تعلقه وَضعف تعلقه مثل النَّار فَإِنَّهَا تلقى الْحَطب على وَجْهَيْن أَحدهمَا وَجه تسخين لَهُ وتبخير فِيهِ وَالثَّانِي على سَبِيل اشتعال. وَحمى العفونة والورم تنْتَقل كثيرا إِلَى الدق يسبب شدَّة الحمّى وَشدَّة تلطيف الْغذَاء فِيهِ وَمنع المَاء الْبَارِد وَقلة مُرَاعَاة جَانب الْقلب بالأطلية والأضمدة وخصوصاً فِي أمراض أَعْضَاء مجاورة للقلب مثل الْحجاب وَكَثِيرًا مَا يُوقع فِيهِ اضطرار الطَّبِيب لسُقُوط الْقُوَّة وتواتر الغشي إِلَى سقِِي الْخمر وَمَاء اللَّحْم ودواء الْمسك وَنَحْوه وَقد يتركب الدق مَعَ حميات العفونة والأورام والدق فِي أول الْأَمر عسر الْمعرفَة سهل العلاج وَفِي آخِره سهل الْمعرفَة صَعب العلاج وَآخر الذبول غير قَابل للعلاج الْبَتَّةَ. العلامات: أما النبض فَيكون دَقِيقًا صلباً متواتراً ضَعِيفا ثَابتا على حَال وَاحِدَة. وَأما ملمسهم فَيكون مَا يحس من حرارته دون حرارة سونوخس وَنَحْوهَا المشتعلة فِي مواد وَفِي ابْتِدَاء مَا يلمس يكون أهدأ فَإِذا بقيت عَلَيْهِ الْيَد سَاعَة ظَهرت بِقُوَّة ولذع وَلم يزل يَنْمُو وَيكون أسخن مَا فِيهِ مَوَاضِع الْعُرُوق والشرايين وَتَكون حرارتهم متشابهة لَا تنقص لَكِنَّهَا إِذا ورد عَلَيْهَا الْغذَاء نمت بِهِ واشتدت وقويالنبض وَأخذ فِي الْعظم وَكَذَلِكَ مَا يعرض للجهال من الْأَطِبَّاء أَن يمنعوهم الْغذَاء لما يعرض مِنْهُ من هَذَا الْعَارِض فيهلكوهم كَمَا تنمو الشعلة عِنْد إِصَابَة الدّهن والمقلى عِنْد صبّ المَاء عَلَيْهِ وَهَذِه من دلائلها القوية والغذاء فِي سَائِر الحميات لَيْسَ لَا محَالة يُوجب هَذَا الاتقاد وَإِن أوجب اضْطِرَاب حركات للطبيعة وَهَذَا الاتقاد لَا يكون كاتقاد سَائِر الحميات بعد تضاغط وَلَا على أدوار مَعْلُومَة بل كَمَا يَغْدُو فِي أَي وَقت كَانَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015