القانون في الطب (صفحة 1609)

كثيرا من الْأَشْيَاء تعفن ويتميز مِنْهُ رَقِيق وكثيف وَلَا يكون الرَّقِيق وَلَا الكثيف عفناً توجب عفونته كَونه عَن عفن فقد يكون من العفن مَا لَيْسَ بعفن وَلَو كَانَ كَونه عَن العفن. يُوجب عفونته لَكَانَ يجب أَن يكون الكثيف المترمد أَيْضا عفناً فَتكون هُنَاكَ حمى سوداوية أَيْضا فَهَذَا مَا يُوجِبهُ تَلْخِيص الْمَفْهُوم الأول. وَأما الْمَفْهُوم الثَّانِي فَهُوَ كذب صرف فَإِن العفونة طَرِيق إِلَى الْفساد والعفونة لَهَا زمَان واستحالة الدَّم صفراء لَا تكون فِي زمَان بل العفونة فَسَاد يعرض للدم وَهُوَ دم كَمَا يعرض للبلغم وَهُوَ بلغم لم يصر سَوْدَاء وَلَا صفراء إِلَّا أَن يَسْتَحِيل من بعد ذَلِك بِتمَام العفونة بل الْحق الصَّحِيح قَول بقراط: أَن الدَّم قد يتَوَلَّد من عفونته حمى فَنَقُول الْآن أَن حمى الدَّم حميان: حمى عفونة وَحمى سخونة وغليان الَّتِي يسميها بقراط سونوخس أَي المطبقة دون غَيرهَا وَأكْثر غليانها عَن سدد تحقن الْحَرَارَة وَقد تكون عَن أَسبَاب أُخْرَى تشتد فَوق اشتداد أَسبَاب حمى يَوْم وَقد تسمى الشَّابَّة القوية وَهِي من جملَة الحميات الَّتِي بَين حميات العفونة وحميات الْيَوْم فتفارق حميات الْيَوْم بِسَبَب أَن التسخن الأول فِيهَا للخلظ وتفارق حميات العفونة بِأَنَّهُ لَا عفونة لَهَا وَهِي حَتَّى حادة لَيست حمى يَوْم وَلَا حمى دق وَلَا حمى عفونة وَكَثِيرًا مَا تنْتَقل إِلَى حمى عفونة أَو إِلَى حمى دق وَكَثِيرًا مَا أجراها جالينوس مجْرى حميات الْيَوْم. وَيرى جالينوس أَن حمى المم لَا تتركب مَعَ سَائِر الحميات لِأَن العفن إِذا كَانَ فِي الدَّم كَانَ عَاما لكل خلط وَفِي هَذَا تنَاقض لبَعض مذاهبه لَا نحتاج أَن نطول الْكَلَام فِيهِ فَلَا ينْتَفع بِهِ الطَّبِيب وَسبب هَذِه الْحمى الامتلاء والسدة وأكثرها من الرياضة وخصوصاً الْغَيْر الْمُعْتَادَة وَترك الاستفراغ ثمَّ اسْتِعْمَال رياضة عنيفة وَقد توجب العفونة فِيهِ كَثْرَة مائية الدَّم من أكل الْفَوَاكِه المائية فتستحيل إِلَى العفونة أَو كَثْرَة الْخَلْط الْفَج فِيهِ فتهيئه للعفونة مثله مَا يتَوَلَّد من القثاء والقثد والكمثري وَنَحْوهَا. وَهَذِه الْحمى لَازِمَة لَا تفتر لعُمُوم الْمَادَّة ولزومها إِلَى البحران أَو الْمَوْت وأصنافها ثَلَاثَة: أسلمها المتناقصة تبتدىء بصعوبة ثمَّ لَا تزَال تتناقص لِأَن التَّحَلُّل أَكثر من التعفن ثمَّ الواقفة على حَال وَاحِدَة. رُبمَا تشابهت سَبْعَة أَيَّام وشرها المتزايدة لِأَن التَّحَلُّل فِيهَا أقل من التعفن وبحرانها إِلَى السَّابِع فِي الْأَكْثَر وانقضاؤها باستفراغ محسوس أَو غير محسوس وَقد تنْتَقل إِلَى المحرقة وَإِلَى السرسام وَقد تتتقل بالتبريد الْكثير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015