ما في حناياها من حلال وحرام.
وأمر ونهي بعثوا في الكلمة العربية روحا جديدا يلائم البحث الفقهي، ومعاني لم تكن تحملها الحروف أيام الجاهلية..فعلوا ذلك، مع ما هم عليه من معرفة بالعربية، وعلومها، وآدابها ... وحسبك أن تذكر محمد بن الحسن الشيباني، والشافعي، وابن حزم وقبيلا كريما من الائمة حتى تدرك القدح المعلى الذي حازه الفقهاء في ميدان اللغة العربية.
وكان من تلك المعاني ما يعد اصطلاحا بين الفقهاء على اختلاف مذاهبهم.
ومنها ما يختص بمذهب دون سواه.
لذلك لابد أن يكون المسلم عارفا بها، وملتزما بحدودها، أيا كان المذهب الذي يأخذ به، وأن يوليها مكان الصدارة، ويحيطها بالتكريم، ما دامت أحكام النصوص الشرعية لا يمكن أن تطبق مستقلة عن الفقه.
وشرف الفرع لا يكون إلا من شرف الاصل، وقدسيته.
كل هذا، وذاك أغنى اللغة العربية، وجعلها جياشة بالخير، والحياة، والجود، لا ينضب معينها أبد الدهر، ولا يبلى ما وهبها الله سبحانه من رونق، وسحر.
فهي بحق لغة الانسانية لو عمل أبناؤها
على رعايتها، وجعلوا لها من ضميرهم وفكرهم عرشا مقدسا يحمونه من غوائل الاعداء.
كان كل ما تقدم نصب عيني حين بدأت بالدراسة، والاعداد لهذا الكتاب الذي بين يديك، أخي الحبيب، ولذلك فقد فزعت إلى أوثق مصادر اللغة، وإلى أوثق مصادر الفقه الاسلامي في جميع مذاهبه، أقطف من خيرها يسر الله سبحانه ... وكنت بعيدا عن العصبية المذهبية التي لوت شوكة الامة، وأوهت صرح مجدها.
هو جهد المقل، ولو لم يكن له نظير في لغة العرب، يدخره المؤلف ليوم الدين، راجيا من أخيه دعوة في ظهر الغيب خالصة له، ولاهله، ولاساتذته، وللمسلمين.
فإن حاز شيئا من النجاح فبفضل الله جل جلاله، وإلا فمن النفس التي يدل عجزها عن بلوغ الكمال على كمال الله العظيم.
ربيع الانور 1397 هـ دمشق.
آذار 1977 م