زعم الطحاوي أن حديث أسماء كان أولاً، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنى ذلك على ما هو المشهور بين العرب، ثم كان حديث وجدامة بعد ذلك عندما أطلع - صلى الله عليه وسلم - على أن الغيل لا يضر.
هذا معنى كلامه وليس بمستقيم.
أولاً: لأن حديث أسماء جزم بالنهي، وحديث سعد وجدامة ظن مبني على أنه - صلى الله عليه وسلم - بلغه عن فارس والروم أنهم يغيلون ثم لا يظهر بأولادهم ضرر لا يطهر مثله بأولاد العرب الذين لم يكونوا يغيلون فيتجه حمله على أنه عن الغيل.
ثانياً: في حديث أسماء جزم بضرر يخفى على الناس، فإنما يمون ذلك عن الوحي، وحديث سعد وجدامة إنما فيه نفي الضر الذي يظهر.
ثالثاً: في حديث جدامة: «لقد همت أن أنهى» وفي حديث أسماء نهي صريح وكل من هذه الأوجه يقتضي تأخر حديث أسماء - على فرض صحته - وأن حديث سعد وجدامة كان رأياً رآة - صلى الله عليه وسلم - وظناً ظنه.
هذا وقد أطلت في هذا الفصل ومع ذلك بقيت أمور مما يشتبه على بعض الناظرين كتأخير البيان إلى الحاجة عند الجماعة من أهل العلم، وما روي في نزول قوله تعالى: «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَد» ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - لأزواجه «أسرعكن لحوقاً بي أطولكن يداً» .
فأما المجمل الذي لا ظاهر له فواضح أنه ليس فيه رائحة من الكذب، وأما