الإيمان في شيء، لأنه ليس من اليقين على شيء، فتبين من هذا البيان أنه لا يتصور تفاوت أصلاً بين إيمان المؤمنين من جهة الجزم ويكون النقص عن مرتبه اليقين كفراً» .

أقول: مسألة الزيادة والنقصان قد سلف النظير فيها.

فأما المسألة الأخرى فتحريرها أن هناك ثلاث قضايا:

الأولى: اعتقادك ثبوت كل أمر من الأمور التي ترى اعتقاد ثبوت جميعها هو الإيمان الذي لا بد منه.

الثانية: اعتقادك أنك جازم بكل واحد من تلك الأمور الجزم الكافي عند الله عز وجل.

الثالثة: اعتقادك أنك وافٍ بجميع الأمور الضرورية للإيمان في نفس الأمر، من اعتقاد وفعل وترك.

فمن قيل له: أمؤمن أنت؟ فقال: أرجو، أو: إن شاء الله، فهذا يتعلق بالقضية الثالثة كما لا يخفى، ولا يجب تعلقه بالثانية، فأما الأولى فبعيد عنها.

وقد دلت آيات الحجرات السابقة على أن المؤمن قد يزول إيمانه وهو لا يشعر فكيف يسوغ ذلك مع هذا أن تجزم بالقضية الثالثة فتقول: أنا عبد الله مؤمن حقاً، اللهم ألا أن تريد بالإيمان معنى هذا كمجرد النطق بالشهادتين، أو مجرد الاعتراف اللساني بربوبية الله عز وجل.

وتدبر آيات الحجرات، وتأمل معاملتك للنصوص الشرعية التي تخالفها في العقائد والإيمان والفقه زاعماً أنك تخالف ظواهرها، وأنعم النظر في ذلك ألا تخشى أن يكن في معاملتك لها ما هو قديم بين يدي الله ورسوله ورفع لصوتك خلاف صوته وجهر له بالقول كما تجهر لمخالفيك ودون جهرك لأئمتك في الكلام والفقه بكثير؟ !

طور بواسطة نورين ميديا © 2015