رأي المصنف في من يقول أن يقينه مثل يقين الأنبياء

النهي عن السفر يوم الجمعة لم يصح (تعليق)

والشمس والقمر، وغير ذلك، فيتبين له أنها موافقة للواقع، وقد يتراءى له أنها مخالفة له. ويطالع السيرة فيها أموراً واضحة الدلالة على النبوة، وقد يرى فيها ما يتراءى له منه خلاف ذلك. ويسمع من الأطباء وغيرهم ما يوافق ما جاء في الشرع، وقد يسمع منهم ما يخالفه. يطيع النبي صلى الله عليه آله وسلم في بعض الأمور فيناله نفع، وقد يتفق له خلاف ذلك، وهذا كمن يريد سفراً مع رفقة فتعزم الرفقة على الخروج يوم الجمعة قبل الصلاة فيأبى أن يخرج قبل الصلاة للنهي الشرعي عن ذلك، (?) وسافر الرفقة فتصيبهم مصيبة كاصطدام القطار، أو غرق الباخرة أو نحو ذلك، وينج لتأخره، وقد يتفق خلاف هذا بأن تسلم الرفقة وتغنم، ويخرج هو بعد الصلاة فيصيبه ضرر. وأشباه هذا كثيرة لا تكاد تمضي ساعة إلا ويقع شيء منها. ولا ريب أن اعتقاد الإنسان بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - لا يبقى على حال واحدة مع اختلاف الأمور المذكورة، بل يصفوتارة، ويتكدر أخرى، ويقوى تارة، ويضعف أخرى، ويزيد تارة، وينقص أخرى.

ولا أدرى عاقلاً يتصور حاله وحال الملائكة والأنبياء ويقول: إن يقينه مثل يقينهم. وقد حاول الكوثري أن يجيب عن هذا فقال ص 67:

«نعم، إن الإيمان الأنبياء، وإيمان العلماء، وإيمان العوام يتفاوت من جهة ما يحتمل الزوال منها، وما لا يحتمله، واحتمال الزوال أو عدم احتماله، ناشيء من أمر خارج، وذلك من تفاوت طرق حصول الجزم عندهم، لا من التفاوت في ذات الإيمان، فالإيمان عند الأنبياء لا احتمال لزواله منهم، لأن حصوله عن مشاهدة ووحي قاهر، وإيمان العلماء يحتمل الزوال بطروء بعض شبه على أدلة الإيمان عندهم، ولواحتمالاً ضعيفاً، وأما إيمان العوام فربما يزول بأيسر تشكيك ... فبهذا البيان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015