المراد بها معان أخرى صحيحة. فأما الزائغون فاتبعوا تلك الظواهر، هم فريقان:

الأول: الملحدون القانون: هذه الأمور باطلة قطعاً، فالشرع الذي جاء بها باطل.

الفريق الثاني: الذين يجهلون أو يتجاهلون بطلانها فيدينون بإثباتها، والسلف وأئمتنا أبرياء من الفريقين، غير أن السلف كانوا مع العلم ببطلان تلك الظواهر يمتنعون من الخوض في البيان الثاني، وأئمتنا اصطدموا بالزائغين الزاعمين أن تلك الظواهر هي المعاني المرادة من تلك النصوص ويبالغون فيدعون أن تلك النصوص صريحة في تلك المعاني لا تحتمل التأويل، فاحتاج أئمتنا إلى بيان الاحتمال، فمن لم يجزم منهم بمعنى معين فلم يأتي بما ينكر عليه، ومن جزم بذلك فقد ينكر عليه من يذهب إلى أن الراسخين لا يعلمون ذلك، أي أنهم ولوعلموا بطلان الظاهر، وأن المراد غيره، فلا يعلمون التأويل وهو المعنى المراد لاحتمال النص عدة معان، لكن قد يقال: إذا كان المعنى الذي جزم به ذلك الجازم صحيحاً في نفسه فالخطب تسهل،

وذلك كالقائل: إن المراد باليدين في قوله تعالى: «لما خلقت بيدي» القدرة والإرادة، فإن هذا معنى صحيح في نفسه، للعلم بأن الله تعالى قدرة وإرادة، وأن لها تعلقاً بخلق آدم، فإن فرض أن المراد باليدين في الآية معنى آخر فليس في الجزم المذكور كبير حرج.

فالجواب عن هذا كله يعلم مما تقدم في هذه الرسالة وألخصه هنا بعون الله عز وجل:قولكم: «فلا يمكن الوثوق بأن ذلك الظاهر هو المراد إلا أن يقوم الدليل العقلي على وجوب ذاك الظاهر أو جوازه» . قول باطل مردود عليكم، بل الحق أنه أن دل العقل الصريح - الذي يصح أن يكون قرينة بأن يكون من شأنه أن لا يخفى على المخاطب إذا تدبر - على امتناع ذاك الظاهر لم يبقى ظاهراً ضرورة أن القرينة ركن من الكلام، وإلا كان النص برهاناً على الوقوع فضلاً عن الجواز،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015