زعم ابن سينا أن ذات الله عز وجل ليست منفصلة عن العالم ولا متصلة به

الذات كانت شبيه بهذا المحسوسات فيلزم الافتقار. فأما من وفقه الله عز وجل فإنه لا يعدم مخلصاً، وأم المخذول فإنه يرى أنه مضطراً إلى نفي الأمر، ثم يعمد الشيطان إلى أمر آخر فيقول: وهذا كالأول، وهكذا حتى يأتي على عامة تلك الأمور، ومنها لوازم الوجود فلا يبقى للإنسان إلا اعتقاد وجود يعتقد انتفاء لوازمه. وقد لا يكتفي الشيطان منه بهذا، بل يقول له: وكيف تعقل مثل هذا؟ وما تظنه حجة على الوجود قد جربت أمثاله في تلك الأمور، فليس هناك حجة، وإنما هي شبهات نسجتها الأوهام والأغراض في العصور المظلمة، فكن حر الفكر، قوي الإرادة، وخلص نفسك من تلك القيود والأغلال، فإنك في عصر العلم! (?)

فهذه هي الحقيقة والغاية لتلك الوحدة التي موه ابن سينا عبارته عنها، فإنه يزعم أن ذات الله عز وجل ليست منفصلة عن العالم ولا متصلة به، ليست خارجة عنه ولا هي فيه، ليست مباينة له ولا محاثيه (?) ، لم توجد الذوات الأخرى حين وجدت خارج ذات الله عز وجل قريباً أو بعيداً ولا داخل ذاته. والمتكلمون وافق أكثرهم ابن سينا على هذا الأصل، ثم يقع الخلاف في التفريع فابن سينا وموافقوه يقولون: لا قدرة لله عز وجل ولا إرادة ولا علم بالجزئيات، واستحيا بعضهم فقال: يعلم ذاته، وعندهم أنه لا شأن لله عز وجل بخلق ولا تقدير ولا اختيار ولا تدبير، بل عندهم أنه سبحانه ليس برب للعالم، وإنما هو السبب الأول لوجوده في الجملة، وذلك أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015