وقبل أن يتحدث الناظم عن التوابع، يتحدث عن "التعجب، وأفعال المدح والذم! واسم التفضيل"، ثم يتناول النداء الحقيقي والمجازى، وأحكامهما في دقة تامة، وإحكام عجيب.

والاختصاص يشبه النداء في نصبه وبنائه على الضم، وفي الارتباط بالحاضر مع إفادة التوكيد؛ ومن ثمة يذكره بعد آخر مبحث من مباحث المنادى، وهو الترخيم، ثم يتحدث عن التحذير والإغراء للشبه بينهما وبين الاختصاص في إضمار العامل.

ولم يكتف ابن مالك بما أجمله في المقدمات من الحديث عن "اسم الفعل، ونون التوكيد، والممنوع من الصرف، والفعل المعرب"؛ بل عاد، فعقد لما أجمله أولاً أبواباً مستقلة، فصّل فيها القول إلى حدٍّ ما، فتكلم عن "أسماء الأفعال" وما يشبهها من "أسماء الأصوات"، ثم تناول "مالا ينصرف" بشيء من التفصيل، وأسهب القول في أحوال الفعل المضارع، فتناوله في بابي "إعراب الفعل، وعوامل الجزم"، متمما الحديث عن أدوات الشرط بعقده فصْلاً عن "لو" وآخر عن "أمّا، ولولا، ولوما".

وقبل أن ينتهي ابن مالك من الأحكام النحويّة، يضع نظاماً للتطبيق عليها فيعقد باباً في "الإخبار بالذي والألف واللام"، ثم يختتم حديثه عن النحو بـ"العدد، وكناياته"، مشيرًا في النهاية إلى " الحكاية" ب "أيٍّ، ومَن" الاستفهاميتين.

وأما "الصرف" فقد أغفل قدراً كبيراً من "تصريف الأفعال"، فضلاً عن التقاء الساكنين وتخفيف الهمزة؛ فلم يتحدث عن "الجامد والمتصرف"، ولا عن "الصحيح والمعتل"، ولا عن "إسناد الأفعال إلى الضمائر"؛ اعتماداً على منظومته "لاميّة الأفعال". ولنجاح ابن مالك في منهجه بحرصه على تيسير العربية، لغة القرآن، أقبل العلماء والمتعلمون على ألفيته - من بين كتبه بنوع خاص - إقبالاً منقطع النظير، وعكف عليها المتخصصون في جميع الأزمان والأمصار، يدرسونها، ويعلقون عليها نظماً أو نثراً بالعربية وبغيرها، حتى طُويت مصنّفات من قبله من أئمة النحو، ولم ينتفع من جاء بعده بمحاكاته، أو الانتقاص منه. ولو لم يشر في ألفيته إلى ألفية الإِمام العلاّمة زين الدين يحي بن عبد النور الزواوي الجزائري المعروف ب "ابن معطى" المتوفى سنة 627 هـ " ذكره الناسُ، ولا عرفوه 1.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015