وإن القرآن العظيم بالنسبة إلى كل واحد من مباحث العلوم الخمسة، أراد إفادة القسمين المذكورين، فأراد تعليم ما لا يعلم بالنسبة إلى الجاهل، وأراد انصباغ النفوس بصبغة هذه العلومات بتكرارها وتردادها بالنسبة إلى العالم، اللهم إلا أكثر مباحث الأحكام التي لم يقع فيها هذا التكرار إذ أن إفادة القسم الثاني لم تكن مطلوبة فيها.
ولأجل ذلك أمرنا بتكرار التلاوة والإكثار منها، ولم يكتف بمجرد الفهم والإدراك.
تنوع الأساليب مع التكرار في المطالب:
وقد روعي - مع ذلك - هذا القدر من الفرق أن المطالب التي تكررت جاءت كل مرة بعبارة طرية جديدة وأسلوب جديد حتى يكون له وقع أكثر في النفوس وأمتع للأذهان والعقول، فلو كان التكرار مع اتحاد الألفاظ والعبارات لكان شيئاً من حقه أن يكرر ويردد فحسب ولكنه مع اختلاف التعابير وتنوع الأساليب مدعاة للتفكير وخوض العقل واستجماع الخاطر.