وعمله. وأنه لا يرضى إلاّ التوحيد. كما تقدمت الأدلة الدالة على ذلك.
ومعلوم أن أعلى الخلق، وأفضلهم، وأكرمهم عند الله هم: الرسل (?) ، والملائكة المقربون، وهم عبيد محض لا يسبقونه بالقول، ولا يتقدمون بين يديه، ولا يفعلون شيئاً إلاّ بعد إذنه لهم، وأمرهم فيأذن الله سبحانه لمن شاء أن يشفع، فيه. فصارت الشفاعة فيه الحقيقة إنما هي له تعالى، والذي يشفع (?) عنده إنما شفع بإذنه له وأمره بعد شفاعته سبحانه إلى نفسه، وهي إرادته أن يرحم عبده. وهذا ضد الشفاعة الشركية التي أثبتها المشركون ومن وافقهم، وهي التي أبطلها سبحانه في كتابه بقوله: {وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ} الآية [البقرة- 123] ، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ} [البقرة- 254] .
ولهذا كان أسعد الناس بشفاعة سيد الشفعاء يوم القيامة أهل التوحيد، كما صرحت بذلك النصوص. فروى البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلاّ الله خالصاً من قلبه" (?) .