لما نظروا إلى ما ذكرنا، وإلى أن لله أحكاماً تتجدد بتجدد الوقائع. كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: الناس أحدثوا؛ فأحدثنا لهم، امضوا كتاب القاضي إذا عرفوه من غير احتياج إلى بينة تشهد بما فيه، بل رأوه أضبط من بينة هذا الزمان الذي قل فيه العدل، وانتشر فيه الكذب والزلل، نسأل الله السلامة من شر أهله.
وأما مذهب الحنابلة؛ فقد صرح ابن مبرد، أي ابن عبد الهادي وغيره؛ بأن القاضي إذا عرف خط القاضي اعتمده، إلا إذا بان خطؤه انتهى. ونقلته من خطه بعد الإشارة إليه من شيخنا.
قال في "الإنصاف": وعند الشيخ تقي الدين: من عرف خطه بإنشاء أو إقرار، أو شهادة؛ عمل به كميت. فإن حضر فأنكر مضمونه؛ فكاعترافه بالصوت (?) وإنكار مضمونه.
وقال في كتاب أصدره إلى السلطان في مسألة الزيارة: وقد تنازع العلماء في كتاب الحاكم، هل يحتاج إلى شاهدين على لفظه، أم واحد، أم يكتفي بالكتاب المختوم، أم يقبل الكتاب بلا ختم ولا شاهد؟
على أربعة أقوال في مذهب أحمد وغيره. نقله ابن خطيب السلامية في تعليقه، وذكر الشيخ تقي الدين قولاً في المذهب؛ أنه يحكم بخط شاهد ميت. وقال: الخط كاللفظ إذا عرف أنه خطه، وقال: أنه مذهب جمهور العلماء، وهو يعرف أن هذا خطه، كما يعرف أن هذا صوته.
وقت اتفق العلماء، على أنه يشهد على الصوت من غير رؤية المشهود عليه، والشهادة على الخط أضعف، لكن جوازه قوي أقوى من منعه. انتهى.
ومنه، فوائد: الأولى: قال في "الروضة": لو كتب شاهدان إلى شاهدين من بلد المكتوب بإقامة الشهادة عنهما لم يجز، لأن الشاهد