مثال ذلك: باع قمحاً، وأذن للمشتري أن يكيل لنفسه ما اشتراه؛ فإن في صحة البيع عندنا وجهين: كما إذا اشترط أن لا يكيله إلا بكيل المشتري أو البائع.

ومثال الصور التي اختلف فيها: أن يأذن البائع للمشتري في شيء لا ينافي مقصود صحة العقد، والأصح عندنا في الصورتين الصحة، وعند المالكية لا، فإذا فرعنا على الصحيح، فرفع إلى الحاكم الشافعي صورة من هذه الصور، فله أن يحكم بصحة تصرف المشتري، التصرف الذي لا يصح العقد إلا به بعد القبض؛ فيتضمن ذلك الحكم بالصحة، أي صحة العقد والقبض، ولو حكم الشافعي بصحة العقد والقبض بطريقه؛ صح الحكم، ولو حكم الشافعي بموجب القبض؛ لم يصح حكمه في هذه الحالة، لعدم ضبط الكيل، خلافاً للمالكية، ولو صح عند الحاكم أن القبض وقع بطريقه؛ فله الحكم بصحته، وإن ثبت عنده، أو علم أن القبض لم يقع بطريقه؛ فلا يصح حكم به ولا ينفذ.

التاسع: إن الحكم بالموجب يتضمن أشياء لا يتضمنها الحكم بالصحة، منها الحكم بالإلزام بمجرد العقد، مثال ذلك إذا حكم الحنفي بصحة البيع بمجرد عقده؛ فإن حكمه لا يمنع خياراً، وأما عنده فيمنع، فليس لبائع ولا مشتر الفسخ، وعندنا لهما ذلك، ولو حكم الحنفي في ذلك، أو المالكي بالموجب؛ امتنع فسخ البيع عندنا؛ فظهر أن الحكم بالموجب في هذه الصورة أعلى من الحكم بالصحة، ومنها الرهن.

مثال ذلك: إذا حكم شافعي بصحة الرهن المعار؛ لم يكن ذلك مانعاً لمن يرى فسخ الرهن بالعود إلى الراهن أن يحكم بصحة فسخ الرهن؛ فظهر أن الحكم بالموجب أعلى؛ لأن الشافعي إذا حكم بموجب الرهن، أو الإلزام بمقتضاه؛ امتنع على المالكي أن يفسخ، لأن موجبه عند الشافعي دوام الحق فيه للمرتهن مع العود مطلقاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015