من "إعلام الموقعين": الهدية تفقأ عين الحكم، قال ابن عقيل: معناه أن المحبة الحاصلة للمهدي إليه، وفرحته بالظفر بها، وميله إلى المهدي؛ يمنعه من تحديق النظر إلى معرفة باطل المهدي، وأفعاله الدالة على أنه مبطل؛ فلا ينظر في أفعاله بعين ينظر بها إلى من لا يهدى إليه.

قلت: وشاهده الحديث المرفوع "حبك الشيء يعمي ويصم". فالهدية إذا أوجبت له محبة المهدي؛ فقأت عين الحق، وأصمت أذانه.

فائدة: قال ابن عقيل: الأموال التي يأخذها القضاة أربعة أقسام: رشوة، وهدية، وأجرة، ورزق.

فالرشوة حرام، وهي ضربان: رشوة ليميل إلى أحدهما بغير حق؛ فهذا حرام عن فعل حرام، على الآخذ والمعطي، وهما آثمان.

ورشوة يعطاها ليحكم بالحق واستيفاء حق المعطي من دين ونحوه، فهي حرام على الحاكم دون المعطي، لأنها استنقاذ؛ فهي كجعل الآبق، وأجرة الوكالة في الخصومة.

وأما الهدية فضربان: هدية كانت قبل الولاية؛ فلا يحرم استدامتها، وهدية لم تكن إلا بعد الولاية؛ فهي ضربان: مكروهة وهي الهدية إليه ممن لا حكومة له، وهدية ممن قد اتجهت له حكومة؛ فهي حرام على الحاكم.

والأجرة: إن كان له رزق من بيت المال؛ حرم عليه أخذ الأجرة قولاً واحداً، لأنه أجري له الرزق لأجل الاشتغال بالحكم؛ فلا وجه لأخذ الأجرة من جهة الخصومة. وإن كان الحاكم لا رزق له؛ فعلى وجهين، أحدهما الإباحة لأنه عمل مباح؛ فهو كما لو حكماه، ولأنه مع عدم الرزق لا يتعين عليه الحكم؛ فلا يمنع من أخذ الأجرة، كالوصي، وأمين الحاكم يأكلان من مال اليتيم بقدر الحاجة.

وأما الرزق من بيت المال؛ فإن كان غنياً لا حاجة له إليه احتمل أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015