وتناوله، واختلف فيه العلماء، وورد فيه أسئلة من البصرة والأحسا، محكي فيها ما وقع من المفتين بها من الجزم بالتحريم، مسؤول في غضونها بيان وجه الصواب، ثم وقع الآن ما حمل على تصنيف هذه الرسالة بما بلغني عن بعض أهل العلم أنه اعترض على تناوله، وتكلم فيه بالتحريم، واستدل على ذلك بآيات من القرآن، وسلك في تقريره مسلك المجتهدين؛ من الاستدلال بالقرآن، واستنباط الأحكام منه، على طريق أهل ذلك الشأن، واستدل على ذلك بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} (?).

وقوله: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} (?) فقضيت منه العجب، وأخذتني سورة الغضب؛ إذ ليس هو من فرسان هذا الميدان الوعر، ولا ممن قدر على تفجير الماء من الصخر، فإن هذه المرتبة عقبة كؤود، وذروة منعت الناس من الصعود، ولله در القائل، وهو ابن الفارض حيث يقول:

ورمت مراماً دونه كم تطاولت ... أعناقها قوم إليه فجذت

أتيت بيوتاً لم تنل من ظهورها ... وأبوابها عن قرع مثلك سدت

وأين السهى عن أكمه عن مراده ... سها عمها لكن أمانيك غرت

فحداني على هذا الخبر الفظيع، والنبأ الشنيع؛ أن أكشف قناع المسألة ولثامها، وأميط عن مطية الشبه برقعها وزمامها؛ لئلا يقع اغترار بتلك المقالة ولا يستسهل مرتبة الاجتهاد من لم يتصف بهذه الحالة، والله ولي السرائر، المطلع على الباطن والظاهر ... إلى أن قال: فأجوده طعماً، وطبعاً، وريحاً، ونفعاً ما يجلب من الهند، وربما بيع رطله بعشرين دينار بمكة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015