السادس: إذا وهبته، وقلنا: لها الرجوع، فأسقطت حقها منه، هل يسقط؟ يتوجه: احتمالان:
الأول: لا يسقط، وهو قياس ما قوي في الأب.
والثاني: يسقط.
والثالث: إن كان لخوف أو سؤال؛ لم يسقط كأصل المسألة. انتهى.
ومن "أقسام القرآن" لابن القيم، بعد كلام له سبق: فإن قيل: فهل يكون الجنين من ماءين وواطئين؟
وقد اختلف فيه شرعاً وقدراً؛ فمنعت طائفة ذلك، وأبته كل الآباء، قالت: الماء إذا استقر في الرحم اشتمل عليه وانضم غاية الانضمام بحيث لا يبقى فيه مقدار رأس إبرة وانسد؛ فلا يمكنه انفتاحه بعد ذلك لماء كان، لا من الواطئ ولا من غيره، قالوا: وبهذا أجرى الله العادة إن الابن لا يكون إلا لأب واحد، كما لا يكون إلا لأم واحدة، وهو مذهب الشافعي.
وقالت طائفة: بل يخلق من ماءين فأكثر، وانضمام الرحم واشتماله على الماء؛ لا يمنع قبوله للماء الثاني. فإن الرحم ينشق ويقبل المني. قالوا: ومثال ذلك مثال المعدة؛ فإن الطعام إذا استقر فيها، انضمت عليه غاية الانضمام، فإذا ورد عليها طعام فوقه؛ انفتحت له لشوقها إليه. قالوا: وقد شهد بذلك القائف بين يدي أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه في ولد ادعاه اثنان، فنظر إليهما وإليه، فقال: ما أراهما إلا اشتركا فيه، فوافقه عمر وألحقه بهما، ووافقه على ذلك أحمد ومالك. قالوا: والحس يشهد ذلك، كما ترى في جرو الكلبة والسنور، تأتي بها مختلفة الألوان لتعدد آبائها. وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فلا يسقي ماؤه زرع غيره" يريد وطء الحامل