المنصوص عن أحمد وغيره، فكذلك هو سلط ذاك على هذا المال برضاه، فلا وجه لتضمينه وإن كانا آثمين. وإن كان عين المال باقيا، فهو لم يقبضه بغير اختيار صاحبه، كالسارق والغاصب، بل قبضه باتفاقهما ورضاهما بعقد من العقود. وقد لا يكون لواحد منهما، كما لو كان ثمن خمر، أو مهر بغي، أو حلوان كاهن، فإن هذا إذا تاب لا يرده إلى صاحبه، بل يتصدق به في أظهر قولي العلماء.
ثم قال: والذي لا ريب فيه عندي أن ما قبضه بتأويل أو جهل، فله فيه ما سلف، كما دل عليه الكتاب والسنة. وأما مع العلم بالتحريم، فيحتاج إلى نظر، فقد قال: اطرد هذا إن من كسب مالا حراما برضى الدافع ثم تاب، ويلزم مثل ذلك في مهر البغي وحلوان الكاهن، فهذا ليس ببعيد عن أصول الشريعة، فإنها تفرق بين التائب وغيره، واستشهد له بالكافر إذا أسلم، فإنه لا يجب عليه قضاء ما ترك من عبادة، ولا يحرم عليه ما اكتسبه من مال يعتقد حله. والمسلم إذا تاب، ففي قضاء الصلاة والصيام نزاع ... إلى أن قال: ولا ريب إن كان هذا التائب فقيرا، فهو أحق به من غيره من الفقراء، وبهذا أفتيت غير مرة.
وأما الربا فإنه قبضه بإذن صاحبه، والله يقول: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف". وتمامه فيه.
ومن كلامه أيضا: لو غصب مالا وبني به قنطرة أو نحوها، هل ينفعه، أو يكون الثواب للمغصوب منه؟
قال ابن عقيل: ولا ثواب على ذلك لواحد منهما. انتهى.
قال ابن القيم: إذا غصبه وبنى به رباطا ونحوه، فقد عمل خيرا:
"فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره".
وأما صاحب المال، فله ثواب لتولد خير من ماله، فإن المصائب