المتفقه وأمثاله، ممن قد سمع بعض غلطات بعض الفقهاء، فيما إذا ترك الإمام ما يعتقد المأموم وجوبه، أو فعل ما يعتقد فسادها به، فإن من الناس من يطلق القول ببطلان صلاة المأموم مطلقاً، ومنهم من لا يصحح الصلاة خلف من لا يأتي بالواجبات حتى يعتقد وجوبها.
قال: وهذه الاطلاقات خطأ مخالف الإجماع القديم، ونصوص الأئمة المتبوعين، ثم قال: مثال ذلك أن يصلي المأموم خلف من ترك الوضوء من خروج النجاسات من غير السبيلين كالدم، أو خلف من ترك الوضوء من مس الذكر، أو ترك الوضوء من القهقهة، ويكون المأموم يرى وجوب الوضوء من ذلك، أو يكون الإمام قد ترك قراءة البسملة، أو ترك الاستعاذة، أو ترك الاستفتاح، أو ترك التكبيرات التي في الانتقال أو تسبيحات الركوع والسجود، ويكون المأموم يرى وجوب ذلك، . فالصواب المقطوع به صحة صلاة هؤلاء بعضهم خلف بعض. قال: وهذه مذاهب الأئمة وإن كان قد يحكى عن بعضهم خلاف في بعض ذلك. فهذا الشافعي كان يصلي دائما خلف أئمة المدينة ومصر، وكانوا إذاك مالكية لا يقرؤن البسملة سراً وجهراً، ولو سمع الشافعي من يطعن في صلاته خلف مشايخه، مالك وأقرانه، وهو دائما يفعل ذلك، لحكم عليه بالضلال، وعده وسائر الأمة بعد ذلك خلاف الاجماع. والإمام أحمد يرى الوضوء من الدم الكثير، فقيل له: فإن كان الإمام لا يتوضأ من ذلك، أصلي خلفه؟ فقال: سبحان الله! أنقول: إنه لا يصلي خلف سعيد بن المسيب، وخلف مالك بن أنس، أو كما قال. يعني إن هؤلاء الأئمة الذين أجمعت الأمة على الصلاة خلفهم، كانوا لا يتوضؤون من الدم من غير السبيلين، قال: وكذلك أبو يوسف، فيما أظن لما حج مع هارون الرشيد، فاحتج الخليفة، فأفتاه مالك أنه لا يتوضأ، وصلى بالناس، فقيل لأبي يوسف: أصليت