. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَحِسَابِهِمْ، وَقِيلَ النَّفَخَاتُ ثَلَاثٌ: الْأُولَى نَفْخَةُ الْفَزَعِ أَيْ فِي الدُّنْيَا لَا الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَهِيَ الْمُشَارُ إلَيْهَا فِي النَّمْلِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [النمل: 87] وَفِي ص: {وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلاءِ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ} [ص: 15] وَهُوَ مَا بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ وَتَرْتَجُّ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا كَالسَّفِينَةِ وَتَهْرُبُ الشَّيَاطِينُ إلَى أَقْطَارِ الْأَرْضِ فَتَرُدُّهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَيُوَلِّي النَّاسُ مُدْبِرِينَ يُنَادِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَهُوَ يَوْمُ التَّنَادِ وَتَنْصَدِعُ الْأَرْضُ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُونَ بِأَنَّ النَّفْخَتَيْنِ يَرْجِعَانِ إلَى نَفْخَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ مَعْنَى آيَةِ النَّمْلِ أَنَّهُمْ يُلْقَى عَلَيْهِمْ الْفَزَعُ إلَى أَنْ يُصْعَقُوا هَذَا مُلَخَّصُ الْأُجْهُورِيِّ.

الثَّانِي: لِلسَّاعَةِ أَشْرَاطٌ وَعَلَامَاتٌ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهَا وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ: كُبْرَى وَصُغْرَى، فَالْكُبْرَى عَشَرَةٌ خَمْسٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا: خُرُوجُ الدَّجَّالِ وَنُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مِنْ السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخَمْسٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَدُخَانٌ بِالْيَمَنِ وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنَ تَرُوحُ مَعَ النَّاسِ حَيْثُ رَاحُوا وَتَمِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ مَالُوا حَتَّى تَسُوقَهُمْ إلَى الْمَحْشَرِ. وَالصُّغْرَى بَعْثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَوْلِهِ: «بُعِثْت أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ» وَأَشَارَ إلَى السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَقَبْضُ الْعِلْمِ وَرَفْعُ الْقُرْآنِ وَظُهُورُ الْجَهْلِ وَكَثْرَةُ الْفِتَنِ وَكَثْرَةُ الزِّنَا وَمُعَامَلَةُ النَّاسِ بِالرِّبَا وَظُهُورُ الدَّجَّالِينَ وَكَثْرَةُ الزَّلَازِلِ وَظُهُورُ الْمَهْدِيِّ وَانْشِقَاقُ الْقَمَرِ وَرَجْمُ الشَّيَاطِينِ مِنْ السَّمَاءِ وَتَأْمِينُ الْخَائِنِ وَخِيَانَةُ الْأَمِينِ وَكَثْرَةُ الْعُقُوقِ وَإِمَارَةُ الصِّبْيَانِ وَالتَّطَاوُلُ فِي الْبُنْيَانِ وَفَسَادُ الْبُلْدَانِ وَخَرَابُ مَكَّةَ وَنَقْلُ حِجَارَتِهَا إلَى الْبَحْرِ، وَإِذَا حَصَلَ شَيْءٌ مِنْ تِلْكَ الْعَلَامَاتِ تَتَابَعَتْ حَتَّى تَتَّصِلَ بِالسَّاعَةِ، وَقَدْ وُجِدَ أَكْثَرُهَا لَكِنْ وَقَعَ اخْتِلَافٌ فِي السَّابِقِ مِنْهَا فَقِيلَ فَسَادُ مُعْظَمِ الْبُلْدَانِ وَقِيلَ غَيْرُهُ.

الثَّالِثُ: تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ أَشْرَاطِهَا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا عَلَى مَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد، وَقَدْ اُخْتُلِفَ هَلْ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَوْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ تَطْلُعُ مِنْ الْمَشْرِقِ كَعَادَتِهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَعِنْدَ طُلُوعِهَا مِنْ مَغْرِبِهَا تَغْرُبُ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُطْلِعَهَا مِنْ مَغْرِبِهَا يُدِيرُهَا بِالْقُطْبِ فَيَجْعَلُ مَشْرِقَهَا مَغْرِبَهَا وَمَغْرِبَهَا مَشْرِقَهَا وَعِنْدَ ذَلِكَ يُغْلَقُ بَابُ التَّوْبَةِ عَلَى مَا قَالَ اللَّهُ: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} [الأنعام: 158] الْآيَةُ. وَوَقَعَ خِلَافٌ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي مُدَّةِ عَدَمِ قَبُولِ تَوْبَةِ الْكَافِرِ بَعْدَ طُلُوعِهَا مِنْ مَغْرِبِهَا وَفِي قَبُولِ تَوْبَةِ الْمُؤْمِنِ الْعَاصِي، وَهَلْ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْمُكَلَّفِ أَوْ عَامٌّ؟ فَنَقَلَ اللَّقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْجَوْهَرَةِ مَا نَصُّهُ: وَالْحَقُّ أَنَّ مِنْ يَوْمِ الطُّلُوعِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ أَحَدٍ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «فَمِنْ يَوْمِئِذٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ» أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ اهـ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عُمُومُهُ فِي الْكَافِرِ. وَفِي حَاشِيَةِ الْأُجْهُورِيِّ: وَاخْتُلِفَ فِي عَدَمِ قَبُولِ التَّوْبَةِ مِنْ الذَّنْبِ وَالْإِيمَانِ مِنْ الْكَافِرِ فَقِيلَ لَا يُقْبَلَانِ مُطْلَقًا، وَقِيلَ عَدَمُ قَبُولِهِمَا مُخْتَصٌّ بِمَنْ شَاهَدَ هَذَا الطُّلُوعَ وَهُوَ مُمَيِّزٌ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَمَّا مَنْ يُولَدُ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَكُنْ مُمَيِّزًا كَصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ وَمَيَّزَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ إيمَانُهُ وَتَوْبَتُهُ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ.

وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: إنَّ مَنْ رَأَى طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا أَوْ بَلَغَهُ الْخَبَرُ وَحَصَلَ لَهُ الْيَقِينُ بِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَلَا إيمَانُهُ، وَمَنْ لَمْ يَرَ وَمَنْ بَلَغَهُ مَعَ الْيَقِينِ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَإِيمَانُهُ، وَقَالَ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ نَقْلًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا لَا يُقْبَلُ مِمَّنْ كَانَ كَافِرًا عَمَلٌ وَلَا تَوْبَةٌ حِينَ يَرَاهَا إلَّا مَنْ كَانَ صَغِيرًا حِينَئِذٍ فَإِنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ قُبِلَ مِنْهُ وَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا مُذْنِبًا فَتَابَ مِنْ الذُّنُوبِ قُبِلَ مِنْهُ. وَوَرَدَ: أَنَّ الْقَمَرَ حِينَ طُلُوعِهَا مِنْ مَغْرِبِهَا يَطْلُعُ مِنْ الْمَغْرِبِ أَيْضًا.

1 -

فَوَائِدُ حِسَانٌ تَتَشَوَّفُ النَّفْسُ إلَى مَعْرِفَتِهَا فَأَحْبَبْنَا ذِكْرَهَا: الْفَائِدَةُ الْأُولَى: فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالدَّابَّةِ مِنْ صِفَةِ خُرُوجِهَا وَمَكَانِهَا وَكَلَامِهَا وَصِفَاتِهَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ} [النمل: 82] أَيْ إذَا قَرُبَ وُقُوعُ مَعْنَاهُ وَهُوَ مَا وُعِدُوا بِهِ مِنْ الْبَعْثِ وَالْعَذَابِ {أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرْضِ} [النمل: 82] رُوِيَ أَنَّ طُولَهَا سِتُّونَ ذِرَاعًا وَلَهَا قَوَائِمُ وَزَغَبٌ وَرِيشٌ وَجَنَاحَانِ لَا يَفُوتُهَا هَارِبٌ وَلَا يُدْرِكُهَا طَالِبٌ.

وَرُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «سُئِلَ عَنْ مَخْرَجِهَا فَقَالَ: مِنْ أَعْظَمِ الْمَسَاجِدِ حُرْمَةً عَلَى اللَّهِ تَعَالَى» ؟ يَعْنِي الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ.

وَرُوِيَ مَرْفُوعًا: «تَخْرُجُ دَابَّةُ الْأَرْضِ مِنْ أَجْيَادَ فَبَلَغَ صَدْرُهَا الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ وَلَمْ يَخْرُجْ ذَنَبُهَا بَعْدُ» . وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: تَمُرُّ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ فَلَا يَخْرُجُ إلَّا ثُلُثُهَا.

وَقَالَ كَعْبٌ: صُورَتُهَا صُورَةُ حِمَارٍ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: تَخْرُجُ الدَّابَّةُ لَيْلَةَ جَمْعٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015