. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَحَقِيقَتُهَا كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مَا بِهِ قِوَامُ مُعْتَادِ حَالِ الْآدَمِيِّ دُونَ سَرَفٍ وَأَسْبَابُهَا ثَلَاثَةٌ: الزَّوْجِيَّةُ وَالْمِلْكُ وَالْقَرَابَةُ، فَقَالَ: (وَلَا يَلْزَمُ الرَّجُلَ) الْمُوسِرَ (النَّفَقَةُ) عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْأَحْرَارِ غَيْرِ الْأَقَارِبِ بِغَيْرِ اضْطِرَارٍ أَوْ الْتِزَامٍ (إلَّا عَلَى زَوْجَتِهِ) الَّتِي دَخَلَ بِهَا وَلَوْ صَغِيرَةً أَوْ مَرِيضَةً وَلَوْ مُشْرِفَةً، أَوْ الَّتِي دَعَتْهُ لِلدُّخُولِ بِهَا، وَهِيَ مُطِيقَةٌ لِوَطْئِهِ مَعَ بُلُوغِهِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا مُشْرِفًا، فَتَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ عَلَيْهَا سَوَاءٌ (كَانَتْ غَنِيَّةً أَوْ فَقِيرَةً) قَالَ خَلِيلٌ: يَجِبُ لِلْمُمَكِّنَةِ مُطِيقَةِ الْوَطْءِ عَلَى الْبَالِغِ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا مُشْرِفًا قُوتٌ وَإِدَامٌ وَكِسْوَةٌ، وَمَسْكَنٌ بِالْعَادَةِ بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَحَالِهَا وَالْبَلَدِ وَالسِّعْرِ، وَإِنْ أَكُولَةً، وَتُزَادُ الْمُرْضِعُ مَا تَتَقَوَّى بِهِ، إلَّا الْمَرِيضَةَ وَقَلِيلَةَ الْأَكْلِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا مَا تَأْكُلُ إلَّا الْمُقَرَّرُ لَهَا شَيْءٌ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَاهُ، فَيَلْزَمُ الْمُقَرَّرَ، وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ الْحَرِيرُ، قِيلَ مُطْلَقًا وَقِيلَ فِي حَقِّ الْمَدَنِيَّةِ لِقَنَاعَتِهَا، فَيُفْرَضُ لَهَا الْمَاءُ وَالزَّيْتُ وَالْحَطَبُ وَالْمِلْحُ وَاللَّحْمُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ لِلْقَادِرِ، وَيَلْزَمُهُ الْحَصِيرُ وَالسَّرِيرُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْقَابِلَةِ، وَيَلْزَمُهُ لَهَا الزِّينَةُ الَّتِي تَتَضَرَّرُ بِتَرْكِهَا كَالْكُحْلِ وَالدُّهْنِ الْمُعْتَادَيْنِ، وَلَا يَلْزَمُهُ لَهَا مُكْحُلَةٌ وَلَا دَوَاءٌ إذَا مَرِضَتْ، وَلَا أُجْرَةُ حِجَامَةٍ وَلَا ثِيَابُ مَخْرَجٍ، وَيَلْزَمُهَا لَهُ الْخِدْمَةُ الْبَاطِنَةُ مِنْ عَجْنٍ وَكَنْسٍ وَفَرْضٍ وَاسْتِقَاءِ مَاءٍ إنْ كَانَتْ مِنْ نِسَاءِ الْبَوَادِي اللَّاتِي اعْتَدْنَ ذَلِكَ، لَا إنْ كَانَ زَوْجُهَا عَادَةُ زَوْجَتِهِ خِلَافَ ذَلِكَ، كَبَعْضِ الْأَكَابِرِ الَّذِينَ لَا يَمْتَهِنُونَ نِسَاءَهُمْ فَعَلَيْهِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْدَارِ وَلَا يَلْزَمُهَا التَّكَسُّبُ لَهُ كَغَزْلٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ نَسْجٍ وَلَوْ كَانَ عُرْفُ بَلَدِهَا ذَلِكَ، وَقَالَ بَعْضٌ: إلَّا أَنْ يَعْتَادُوا ذَلِكَ، وَأَمَّا نَحْوُ الْخِيَاطَةِ وَغَسْلُ الثِّيَابِ فَيَجْرِي عَلَى الْعُرْفِ، قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا.
1 -
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: أَشْعَرَ قَوْلُهُ الرَّجُلُ أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ عَلَى زَوْجَتِهِ إلَّا إذَا كَانَ بَالِغًا وَهُوَ كَذَلِكَ، إذْ لَا يَلْزَمُ الصَّبِيَّ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ، وَإِنْ اتَّسَعَ فِي الْمَالِ وَافْتَضَّهَا؛ لِأَنَّهَا أَوْ وَلِيَّهَا هِيَ الْمُسَلَّطَةُ لَهُ عَلَيْهَا، وَكَذَا لَا يَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا الَّتِي لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ أَوْ تُطِيقُهُ، لَكِنْ لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ الدُّخُولِ أَوْ مَكَّنَتْهُ وَدَعَتْهُ لَكِنَّهُ صَبِيٌّ أَوْ بَالِغٌ إلَّا أَنَّهَا مُشْرِفَةٌ عَلَى الْمَوْتِ بِأَنْ أَخَذَتْ فِي النَّزْعِ، بِخِلَافِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَلَا يُسْقِطُ نَفَقَتَهَا إلَّا مَوْتُهَا.
الثَّانِي: قَيَّدْنَا الرَّجُلَ بِالْمُوسِرِ؛ لِأَنَّ الْمُعْسِرَ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةٌ، بَلْ تَسْقُطُ عَنْهُ كَمَا تَسْقُطُ بِأَكْلِهَا مَعَهُ، وَلَوْ مُقَرَّرَةً، وَلَوْ صَغِيرَةً أَوْ مَحْجُورَةً لِسَفَهِهَا؛ لِأَنَّ السَّفِيهَ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي نَفَقَتِهِ، وَكَذَا تَسْقُطُ إذَا مَنَعَتْهُ الْوَطْءَ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ لِغَيْرِ عُذْرٍ، أَوْ خَرَجَتْ مِنْ مَحَلِّهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهَا بِوَجْهٍ، وَإِلَّا وَجَبَ لَهَا النَّفَقَةُ، كَمَا يَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ إذَا خَرَجَتْ لِضَرَرٍ بِهَا مِنْهُ عَجَزَ عَنْ رَدِّهَا، وَهَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ الْحَاضِرِ زَوْجُهَا وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ، لَا إنْ كَانَ غَائِبًا وَخَرَجَتْ مِنْ مَنْزِلِهِ مُدَّةَ سَفَرِهِ، أَوْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً طَلَاقًا رَجْعِيًّا مُطْلَقًا أَوْ بَائِنًا، وَهِيَ حَامِلٌ، وَإِلَّا فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ مَحَلِّ طَاعَتِهِ، وَإِذَا وُجِدَ شَرْطُ الْإِنْفَاقِ وَجَبَتْ النَّفَقَةُ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا وَنَفَقَتُهُ مِنْ غَيْرِ خَرَاجِهِ وَكَسْبِهِ إلَّا لِعُرْفٍ بِأَنَّهَا عَلَى السَّيِّدِ.
1 -
الثَّالِثُ: لَوْ عَجَزَ الزَّوْجُ عَنْ النَّفَقَةِ فَلَهَا التَّطْلِيقُ عَلَيْهِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَلَهَا الْفَسْخُ إنْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَةٍ حَاضِرَةٍ لَا مَاضِيَةٍ إلَّا أَنْ تَتَزَوَّجَهُ عَالِمَةً بِفَقْرِهِ وَرَاضِيَةً بِهِ.
قَالَ خَلِيلٌ: لَا إنْ عَلِمَتْ فَقْرَهُ أَوْ أَنَّهُ مِنْ السُّؤَالِ إلَّا أَنْ يَتْرُكَهُ أَوْ يَشْتَهِرَ بِالْعَطَاءِ وَيَنْقَطِعَ، وَإِلَّا فَلَهَا الْفَسْخُ، وَصِفَةُ الْفَسْخِ يُفْصَلُ فِيهَا بَيْنَ كَوْنِ الزَّوْجِ ثَابِتَ الْعُسْرِ وَالْمَرْأَةِ ثَابِتَةَ الزَّوْجِيَّةِ، وَلَوْ بِالشُّهْرَةِ أَوْ يَكُونَانِ طَارِئَيْنِ فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ بِالطَّلَاقِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ثَابِتِ الْعُسْرِ فَيَأْمُرُهُ بِالْإِنْفَاقِ أَوْ الطَّلَاقِ، فَإِنْ أَنْفَقَ أَوْ طَلَّقَ فَلَا إشْكَالَ، وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ عَلَيْهِ بِاجْتِهَادِهِ بِأَنْ يَأْمُرَهَا بِطَلَاقِهِ أَوْ يَقُولَ طَلَّقْتهَا مِنْك.
وَبَعْدَ الْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ رَجْعَتِهَا إلَّا إنْ وَجَدَ فِي زَمَنِ الْعِدَّةِ يَسَارًا يَقُومُ بِوَاجِبِ مِثْلِهَا، بِحَيْثُ يَجِدُ شَيْئًا يَظُنُّ مَعَهُ إدَامَةُ النَّفَقَةِ، وَيَحْصُلُ الْأَمْنُ مِنْ الْعَجْزِ عَنْهَا مَعَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَأَمَّا لَوْ تَجَمَّدَ لَهَا عَلَيْهِ نَفَقَةٌ فِيمَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ فَلَهَا الطَّلَبُ بِهَا حَيْثُ تَجَمَّدَتْ فِي زَمَنِ يُسْرِهِ، وَلَكِنْ لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِالْعَجْزِ عَنْهَا كَمَا لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِالْعَجْزِ عَنْ صَدَاقِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا، بِخِلَافِ عَجْزِهِ عَنْ الْحَالِ مِنْهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَهَا التَّطْلِيقُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ التَّطْلِيقُ مِنْ الْحَاكِمِ أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ إذَا لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ أَوْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا أَطَلْنَا فِي ذَلِكَ لِدَاعِي الْحَاجَةِ إلَيْهِ.
وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ أَسْبَابَ النَّفَقَةِ ثَلَاثَةٌ وَقَدَّمَ الْآكَدَ مِنْهَا وَهُوَ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ، شَرَعَ فِي ثَانِي الْأَسْبَابِ، وَهُوَ الْقَرَابَةُ بِقَوْلِهِ: (وَ) لَا يَلْزَمُ الشَّخْصَ الْحُرَّ الْمُوسِرَ النَّفَقَةُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ قَرَابَاتِهِ (عَلَى أَبَوَيْهِ) دُنْيَةِ الْحُرَّيْنِ (الْفَقِيرَيْنِ) قَالَ خَلِيلٌ: وَبِالْقَرَابَةِ عَلَى الْمُوسِرِ نَفَقَةٌ وَالْوَالِدَيْنِ الْمُعْسِرَيْنِ، سَوَاءٌ كَانَا مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ، وَالضَّابِطُ أَنَّ الْمُطَالَبَ بِالنَّفَقَةِ إنْ كَانَ زَوْجًا اُشْتُرِطَ بُلُوغُهُ وَيَسَارُهُ، وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا أَوْ مَالِكًا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ بُلُوغٌ، وَقَيَّدْنَا بِالْحُرَّيْنِ؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَيْنِ غَنِيَّانِ بِسَيِّدِهِمَا بِدِنْيَةٍ؛ لِأَنَّ الْأَجْدَادَ وَالْجَدَّاتِ لَا تَلْزَمُ نَفَقَتُهُمْ وَلَدَ الْوَلَدِ، لِلْأَبَوَيْنِ إثْبَاتُ فَقْرِهِمَا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ تَحْلِيفُهُمَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْعُقُوقِ، وَإِنْ كَانَ الْعُسْرُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ وَيَمِينٍ، وَاخْتُلِفَ فِي حَمْلِ الْوَلَدِ عَلَى الْمَلَأِ أَوْ الْعَمِّ إذَا طَلَبَهُ