[سورة آل عمران (3) : آية 162]

الرسل (?) لِنْتَ لَهُمْ اى للمؤمنين وواسيت معهم حين مخالفتهم عن اطاعتك واتباعك وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا سيء الخلق غَلِيظَ الْقَلْبِ اى قاسيه لَانْفَضُّوا تفتتوا وتفرقوا البتة مِنْ حَوْلِكَ وان آذوك أحيانا جهلا وغفلة فَاعْفُ عَنْهُمْ تلطفا وترحما على مقتضى نبوتك وَبعد ما عفوك اسْتَغْفِرْ لَهُمْ من الله ليغفر زلتهم لأنك مصلحهم ومدبرهم وبعد عفوك عما لك واستغفارك من الله لأجلهم صف خاطرك معهم وأخرجهم من الحجاب وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ اى في الرخص المتعلقة بترويج الدين والايمان بعد ما تركت المشورة معهم بسبب جريمتهم فَإِذا عَزَمْتَ فالعزيمة لك خاصة خالصة بلا مشورة الغير فَتَوَكَّلْ في عموم عزائمك عَلَى اللَّهِ المتكفل لعموم أمورك واتخذه وكيلا ولا تلتفت الى الغير مطلقا إِنَّ اللَّهَ الهادي لعباده يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ منهم المتخذين الله وكيلا المفوضين أمورهم كلها اليه.

وقل للمؤمنين يا أكمل الرسل امحاضا للنصح وايقاظا لهم عن رقدة الغفلة إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ المولى لأموركم بمقتضى لطفه وفضله وبسطته وعزته فَلا غالِبَ لَكُمْ اى لا احد يغلبكم ويعلو عليكم لكونكم حينئذ في حمى الله وفي كنف حفظه وجواره وحيطة حوله وقوته وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ حسب قهره وغضبه فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ اى بعد تعلق بطشه حسب قبضه وجلاله وَبالجملة عَلَى اللَّهِ المعز المذل القوى المتين فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ في جميع أمورهم حتى خلصوا وأخلصوا نم لما نسب المنافقون الى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما برأه الله ذيل عصمته عنه من الخيانة والغلول رد الله عليهم هذا الظن الفاسد في حقه صلّى الله عليه وسلّم في ضمن حكم كلى جملي شامل لعموم مراتب النبوة والرسالة مطلقا

فقال وَما كانَ اى ما صح وما جاز لِنَبِيٍّ من الأنبياء سيما خاتم النبوة صلّى الله عليه وسلّم أَنْ يَغُلَّ ويخون ويحيف ويميل على احد من الناس وكيف لا يكون كذلك وَمَنْ يَغْلُلْ أحدا من الناس يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ اى يأت الغال مغلولة بما غل فيه على رؤس الاشهاد ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مطيعة او عاصية جزاء ما كَسَبَتْ اى يعطى جزاء ما كسبت وافيا وافرا وَهُمْ يومئذ لا يُظْلَمُونَ ولا ينقصون من أجورهم إذ لا ظلم فيها عدلا بل يزاد عليها تفضلا وامتنانا

أَفَمَنِ اتَّبَعَ انقاد وأطاع رِضْوانَ اللَّهِ ورضى بعموم ما قضى عليه وقدر له ورضى الله عنه لتحققه بمقام الرضى والتسليم كَمَنْ باءَ رجع وقصد بكفر وظلم مستلزم بِسَخَطٍ عظيم مِنَ اللَّهِ وَصار بسببه مَأْواهُ ومنقلبه جَهَنَّمُ البعد والخذلان ومصير الطرد والحرمان وَبِئْسَ الْمَصِيرُ مصير اهل الكفر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015