وَالصَّبْر على الْبلَاء وَمَا يُرْجَى من إِجَابَة الدُّعَاء وإطعام أهل الْمَيِّت وبذل الْأَمْوَال كلهَا وَالْمَنَافِع بأسرها إِذا أُرِيد بهَا وَجه الله تَعَالَى فِيهَا مصلحتان إِحْدَاهمَا للباذل أخروية فَإِن كَانَ يرتاح إِلَى الْعَطاء فطوبى لَهُ وَإِن كَانَ مِمَّن يشح بِنَفسِهِ فَجَاهد نَفسه حَتَّى بذلها فَلهُ أَجْرَانِ إِحْدَاهمَا على جِهَاد نَفسه وَالثَّانِي على بذلها الْمصلحَة الماسة للمبذولة وَهِي مصلحَة عاجلة وَلذَلِك كَانَت الْيَد الْعليا خيرا من الْيَد السُّفْلى لِأَن مصلحتها أخروية دائمة ومصلحة الْيَد السُّفْلى دنيوية مُنْقَطِعَة
وَفِي الصُّلْح فَائِدَة أخروية للمسامح ودنيوية للمسامح وللمتوسط بَينهمَا أجر الْمُسَبّب إِلَى المصلحتين
وَمن توكل تَبَرعا كَانَت مصْلحَته أخروية ومصلحة الْمُوكل دنيوية وَإِن توكل بِجعْل كَانَت المصلحتان دنيويتين إِلَّا أَن سامح بِبَعْضِهَا وَمن توكل فِي طَاعَة كَالْحَجِّ وَالْعمْرَة فَإِن تبرع كَانَت الْمصلحَة أخروية ومصلحة الْوَكِيل دنيوية وَإِن شَرط عوض الْمثل وسامح فِي الْعِوَض كَانَت مصْلحَته دنيوية وأخروية
وَالْعَارِية مصلحَة أخروية للْمُعِير إِذا قصد بذلك وَجه الله سُبْحَانَهُ دنيوية للْمُسْتَعِير وَقد تكون أخروية من الطَّرفَيْنِ كاستعارة سلَاح الْجِهَاد وجننه وجمله واستعارة الْمَصَاحِف وَكتب الْعلم والْحَدِيث