ثمّ ينبغي التأمل في علاقة هذا المجاز وفي قرينته، ويمكن أنْ نجعل العلاقة المشابهة، فإنّ المعنى محلٌّ للفكر [وحده] (33) ، وتردده (34) إليه بملاحظته المرَّة بعدَ الأخرى، كما أنّ المكانَ محلُّ الجسم (25) ، والقرينة استحالة كون المعنى والألفاظ مكاناً حقيقياً. وقال بعضهم في قول ابن الحاجب (36) : (ومن ثَمَّ اختلف في رحمن) : قوله: (ومن ثَمَّ) إشارةٌ إلى المكان الاعتباري، كأنّه شَبَّه الاختلافَ المذكور في شرط تأثير الألف والنون أنّه انتفاء (فعلانة) ، أو وجود (فَعْلى) بالمكان في أنّ كلاًّ منهما منشأ أَمر، إذِ المكان منشأ النباتات (37) والاختلاف المذكور يُنشئ اختلافاً آخر، وهو الاختلاف في صرف رحمن، فجعل الاختلاف المذكور من إفراد المكان إدعاءً ثم شبَّهَ المكان الاعتباري بالمكان الحقيقي لاشتراكهما في المكانية فذكر اللفظ الموضوع للمكان. انتهى. ومنها قولهم: أَيْضاً هو مصدرُ آضَ يئيضُ، واصل آضَ: أَيَضَ، ك (بَيَعَ) ، تحرّكت الياء وانفتح ما قبلها، قُلبتْ ألفاً. وأصل يئيضُ: يَئْيِضُ، بزنة يَفْعِل، نُقلت حركة الياء إلى الهمزة.