ومنها قولهم: لا بد من كذا

ومنها قولهم: لا بُدَّ من كذا أي: لا مُفارقة، وقد يُفَسَّرُ ب (وَجَبَ) ، وذلك لأنَّ أصله في الإِثبات: بَدُّ الأمرَ: فرَّقَ، وتبدَّدَ: تفرَّقَ، وجاءتَ الخيلُ بَدداً (?) ، أي: متفرّقةً. فإذا نُفي التفرّقُ والمُفارقة بينَ شيئينِ حصلَ تلازمٌ بينهما دائماً فصارَ أحدهما واجباً للآخر، من ثمَّ فسّروه ب (وَجَبَ) . وبُدَّ: اسم مبني على الفتح مع (لا) النافية، لأنّه اسمها والخبر محذوف، أي: (لنا) أو نحوه، وقد يُصرَّحُ به (?) . وذكر الفَنَرِيّ (?) في حواشي المطوّل (?) : أنّ الجار والمجرور متعلّق بالمنفي، أعني بُدَّ، على قول البغداديين حيث أجازوا (?) : (لا طالعَ جبلاً) [بترك] (?) تنوين الاسم المطول إجراءً له مجرى المضاف، والبصريون أوجبوا في مثله تنوين الاسم، وجعلوا متعلّق الظرف فيما بني الاسم فيه على الفتح كما فيما نحن فيه محذوفاً هو خبر المبتدأ، أي: لا بُدَّ ثابت لنا (?) . وقوله: (من كذا) خبر مبتدأ محذوف، أي: البدُّ المنفي من كذا. وهذه الجملة الاسمية المنفية لا محلَّ لها من الإِعراب، لأنّها جملة مستأنفة لفظاً. ويجوز أنْ يكون (من كذا) متعلّقاً بما دلّ عليه (لا بُدّ) ، أي: لا بُدَّ من كذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015