قَالَ: وَحَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَخَارِجَةُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالُوا: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا عُبَيْدَةَ فِي سَرِيَّةٍ فِيهَا الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ، وَهُمْ ثَلَاثُمِائَةِ رَجُلٍ إِلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ إِلَى حَيٍّ مِنْ جُهَيْنَةَ، فَأَصَابَهُمْ جُوعٌ شَدِيدٌ، فَقَالَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ: مَنْ يَشْتَرِي مِنِّي تَمْرًا بِجُزُرٍ، يَوَفِّينِي الْجُزُرَ هَاهُنَا، وَأُوَفِّيهِ التَّمْرَ بِالْمَدِينَةِ؟ فَجَعَلَ عُمَرُ يَقُولُ: وَاعَجَبَاهُ لِهَذَا الْغُلَامِ، لَا مَالُ لَهُ يَدِينَ فِيمَا لِغَيْرِهِ؟ فَوَجَدَ رَجُلًا مِنْ جُهَيْنَةَ، فَقَالَ قَيْسٌ: بِعْنِي جَزُورًا أُوَفِّيكَ وَسْقَةً مِنْ تَمْرٍ بِالْمَدِينَةَ، فَقَالَ الْجُهَنِيُّ: وَاللَّهِ مَا أَعْرِفُكَ فَمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا ابْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ دُلَيْمٍ. قَالَ الْجُهَنِيُّ: مَا أَعْرَفَنِي بِنَسَبِكَ وَذَكَرَ كَلَامًا، فَابْتَاعَ مِنْهُ خَمْسَ جَزَائِرَ، كُلُّ جَزُورٍ بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ يَشْرِطُ عَلَيْهِ الْبَدَوِيُّ تَمْرَ ذَخِيرَةٍ مُصَلَّبَةٍ مِنْ تَمْرِ آلِ دُلَيْمٍ يَقُولُ قَيْسٌ: نَعَمْ قَالَ: فَأَشْهَدْ لِي. فَأَشْهَدَ لَهُ نَفَرًا مِنَ الْأَنْصَارِ وَمَعَهُمْ نَفَرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، قَالَ قَيْسٌ: أَشْهِدْ مَنْ تُحِبُّ، وَكَانَ فِيمَنْ أَشْهَدَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَشْهَدُ، هَذَا يَدِينُ، وَلَا مَالَ لَهُ، إِنَّمَا الْمَالُ لِأَبِيهِ، قَالَ الْجُهَنِيُّ: وَاللَّهِ مَا كَانَ سَعْدٌ لِيَخُنِّي بِابْنِهِ فِي وَسْقَةٍ مِنْ تَمْرٍ، وَأَرَى وَجْهًا حَسَنًا، وَفِعَالًا شَرِيفًا "