ولكن كما يرى القارئ الكريم، فإن استدلال الشيخ بهذا الحديث على ما يريده، بعيدٌ. وهذا ما لحظه البلقيني فعقَّب عليه بقوله:

(ما استدل به من قوله - صلى الله عليه وسلم - (وربُّه يعذِرُه): لا يتوجّه، من حيث إنه لا يصح الاستدلال بأمور الآخرة على أمور الدنيا) (?).

4 - يتحلى البلقيني -كعادة علماء السلف- بالإنصاف العلمي في تعليقاته.

أ- فمن ذلك أن الشيخ ابن عبد السلام قد يذكر شيئًا بدون إيراد الأدلة، فيعقّب البلقيني على الشيخ برأيٍ مخالفٍ لكلامه، لكنه مع ذلك إن رأى أن هناك أدلة تؤيد كلام الشيخ، فإنَّه يذكرها، إنصافًا له، -رحمه الله-.

فمثلًا: جاء في كلام الشيخ ابن عبد السلام في النص رقم 145 فيما يتعلق بما يؤجَر المكلف على قصده دون فعله، أنَّه: (إنْ كَذَبَ الظنُّ، بأن ثبت في الظاهر ما يخالف الباطن، أُثيب المكلف على قصد العمل بالحق، ولا يثاب على عمله لأنه خطأ، ولا ثواب على الخطأ).

هذا ما قاله الشيخ بدون أن يورد له شيئًا من الأدلة، فعلّق عليه البلقيني بأن الرأي المختار، خلافُ ما ذكره الشيخ، لكنه أردف ذلك بذكر دليلٍ من النص الحديثي يؤيد ويشهد لرأي الشيخ، فقال:

(. . . ولكن يشهد لِما قَعَّده الشيخ، قولُ النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن العاص:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015