ونحن نقول في مقابلة هذا: كيف يكون المدّعي، غيرَ الحالف (?)؟ فإن قيل: لاختلاف المُدرَك. قلنا: وكذلك يكون المدّعي غيرَ القابض، لاختلاف المُدرَك. انتهى.
357 - قوله: (وما ذكرتموه من إجماع المسلمين على جواز معاملة المجهولِين، وقبول هداياهم، وأكل ضيافاتهم، وأَخْذ صدقاتهم، وتنفيذ إعتاقهم، مع أن الغالب على الناس فسادُ الدين: مشكل على الشافعي رحمه الله. قلت: الجواب عن هذا عَسِرٌ، والآيةُ لا تدل على مذهب الشافعي، فإن قوله تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6] لا دلالة فيه على أن المراد بالرشد: إصلاح المال والدِّين) (?).
يقال عليه: لا عُسر في الجواب بفضل الله؛ لأن الحَجْر المُثبَت على شخصٍ معيّن، لا يرتفع إلا بظهور الطريق التي ترفعه، لأن الحكم له أو عليه يقتضي ذلك.
وأما ما استند إليه من إجماع المسلمين على الوجه الذي ذكره، فلا يُستشكل به ذلك، لأن هذا ليس فيه حكمٌ على معيّن، وإنما فيه إجراءُ الأمور على مقتضى الظاهر. وسدادُ التصرف وإن كان له أسباب قبل إبرامه يخفى، فإن من ذَكَر تجوَّز أن يكون تصرُّفُه صدر في حياة أبيه الذي هو وليٌّ عليه، وأقرّه الأب على ذلك، وهذا مقتضى مفاسد الحَجْر (?).