نظرٍ وإنصافٍ، مع الاحتفاظ بالتقدير والإجلال التام لصاحب الكتاب الأصل.
فكان هذا العمل من نصيب شيخ الإسلام البلقيني المعروف بجلالة قدره الذي يعدّ (مفخرة القرن التاسع في الجمع بين علوم التفسير والحديث والأصول والفقه) (?)، بل إنه لُقّب بكونه من المجدّدين على رأس القرن التاسع (?)، فرأى هذا الشيخ أثناء قراءة كتاب (قواعد الأحكام) عليه، أن فيه مواضع تحتاج إلى نظر، فكان يُملي أثناء تلك القراءة ما يتبدى له من الفوائد والتعقيبات والنكات حول تلك المواضع، وكان أحدُ تلامذته في هذا الدرس -وهو تقي الدين يحيى بن محمد بن يوسف الكرماني (وهو ابن الكرماني المشهور شارح صحيح البخاري) - يقيّد ما يتلقاه شفهيًّا من شيخه البلقيني من هذه التعليقات، وهي التي جُمعت في هذا الكتاب المسمى بـ (الفوائد الجسام على قواعد ابن عبد السلام).
والخلاصة أن هذا الكتاب (الفوائد الجسام) يكمُن جوهرُه وندرته العلمية، في أنه مساجلة علمية بين إمامين جليلين اجتمع أهل الشان على أنهما قد بلغا من المجد العلمي غايته ورفعته في عصرهما، وهما: سلطان العلماء العز بن عبد السلام، وشيخ الإسلام سراج الدين البلقيني رحمهما الله تعالى.
وهي مساجلة علمية تتعلق بكتاب (قواعد الأحكام) الذي يُعدّ في حد ذاته أيضًا من الأصالة والجودة والابتكار العلمي فيما احتواه، بحيث ربما لا يضاهيه كتابٌ آخر في نفس موضوعه.
وبهذا يمكن أن يقال: إن كتاب (الفوائد الجسام) يتبطن في داخله ثلاثة جوانب من الرفعة في آن واحد، وهي: