السلام، وعلى رأسهم أبان بن عثمان1، وعرف بن الزبير، وهو أول من صنف في تلك المغازي2، ثم الزهري3، وكلهم من المدينة، وهذا طبيعي فهي دار النبوة، وبيت السيرة الذكية، وقد أخذ بعض هؤلاء المؤرخين يتحدثون عن الخلفاء الراشدين والأمويين.

وبجانب مؤرخي السيرة النبوية نجد مؤرخين من اليمن يهتمون بتاريخ موطنهم، وفي مقدمتهم عبيد بن شرية الجرهمي الذي وفد على معاوية، وأدرك خلافة عبد الملك بن مروان، وهو صاحب "كتاب الملوك، وأخبار الماضين"4 ألفه لمعاية، وطبع حديثا في الهند باسم "أخبار عبيد بن شرية الجرهمي في أخبار اليمن وأشعارها وأنسابها"، ومن يطلع عليه بجد الخرافة تغلب على أخباره، وتشتهر في

هذا العصر بقصاصها مثل تميم الداري، وأشهرهم وهب بن منبه الذي توفي سنة 114 للهجرة، وقد كتب كثيرًا عن عرب الجنوب كما كتب عن مغازي الرسول، وأهم من ذلك أنه عني بجمع أخبار أهل الكتاب، وما يتصل بها من الإسرائيليات5، وهو مثل عبيد في ملء كتاباته التاريخية بالخرافات، كما يلاحظ ذلك كل من يقرأ في الكتاب المنسوب إليه المسمى "كتاب التيجان في ملوك حمير".

ونحن لا نصل إلى أواخر هذا العصر حتى نجد العراق تعني بهذه المادة التاريخية جميعها، كما تعني بتاريخ القبائل الشمالية، وأنسابها وأيامها، وأيضا فإنها عنيت بتاريخ الأحداث في عصر علي بن أبي طالب، ثم في عصر بني أمية، وكان مما زاد في هذه العناية، وخاصة بتاريخ العرب في الجاهلية، وأيامهم وملوكهم وأمرائهم

وشعرائهم، وخطبائهم قيام علم اللغة، وتوفر أصحابه على دراسة أحوال الجاهليين، ولا نلبث أن نجد مؤرخا كبيرا في أبو مخنف6 يعنى بتأليف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015