6- سجع الكهان:

كانت عند العرب في العصر الجاهلي طائفة تدعي التنبؤ ومعرفة المغيبات، وأنها تنطق عن آلهتم بما سخر لها من الجن التي تسترق لها السمع، فتكشف لها الحجب، وما تأتي به ألواح الغد. وكانوا يسمونها الكهان، وواحدهم يمسي كاهنا، أما تابعه من الجن فيسمى رئيا، وكانوا يفزعون إليهم لاستشارتهم في الأمور الجلى كإعلان حرب1، أو قعود عن نصرة أحلاف2، أو كشف قتل إنسان أو ناقة3، أو خلال بنذر من النذور لأربابهم لا يستطيعون أداءه4. وقد يلجأون إليهم للحكم بينهم أو للمنافرة5، ممتثلين لأحكامهم فهي لا تنقض ولا ترد، وقد يطلبون إليهم تعبير رؤاهم وأحلامهم6، وهم بدورهم قد يتنبئون لأقوامهم بوقوع كارثة، أو حدوث غزو7.

ولعل في ذلك كله ما يدل على أنهم كانوا يتمتعون بنفوذ واسع، ولم يكن لهذا النفوذ حدود قبلية، فكثيرا ما يسيطر الكاهن على مجموعة من القبائل بكهانته، فتصدر عن رأيه، وقد تتخطى شهرته إقليمه، فتقصده العرب من أقاليم نائية، ككثير من كهان اليمن، ولعلنا لا نبعد إذا قلنا: إن جمهور كهانهم كانوا يمنيين، وخاصة من يرجع بهم القصاص إلى الحقب الأولى من العصر الجاهلي، ومن أشهرهم سطيح الذئبي، وشق بن مصعب الأنماري، وإليهما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015