الثقات وأدخل الكير وقام على الخلاص أبرزوه محككا منقحا، ومصفى من الأدناس مهذبا"1، وقد عبر العرب أنفسهم في شعرهم بصور مختلفة عن مدى تجويدهم في خطابتهم، وانظر إلى لبيد يقول لهرم بن قطبة في حكومته بين علقمة بن علاثة، وعامر بن الطفيل2:

إنك قد أوتيت حكما معجبا ... فطبق المفصل واغنم طيبا

يقول له: احكم بين الرجلين بكلمة فصل تفصيل بها بين الحق، والباطل كما يفصل الجزار الحاذق مفصل العظمين.

ويقول لبيد عن نفسه مدلا ببيانه وبراعته، وما أوتي من حسن الجدل والعلو على خصومه3:

ومقام ضيق فرجته ... ببيان ولسان وجدل

ويقول قيس بن عاصم المنقري التميمي واصفا ما فيه قومه من الخطابة والفصاحة، وإحسان هذا الجانب من البيان والبلاغة4:

إني أمرؤ لا يعتري خلقي ... دنس يفنده ولا أفن5.

من منقر في بيت مكرمة ... والأصل ينبت حوله الغصن

خطباء حين يقوم قائلهم ... بيض الوجوه مصاقع لسن

وعلى نحو ما وصفوا الخطيب بأنه مصقع، ولسن وصفوه بأنه مدره، يقول زهير بن أبي سلمى في مديح هرم بن سنان6:

ومدره حرب جميعا يتقى به ... شديد الرجام باللسان وباليد

وواضح أنه يشبه ما يلقيه من لسانه كلاما بما يلقيه من يده سهامًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015