بني أمية. أما الخطابة السياسية فظلت فترة نشيطة، بحكم دعوة بني العباس لأنفسهم، حتى إذا استقام لهم الأمر أصابها ما أصاب الخطابة الحفلية من الذبول، ومن خطبائهم المفوهين، أبو العباس السفاح، والمنصور، والمهدي والرشيد والمأمون1، ثم غلبت العجمه على خلفائهم، فلم يعودوا يخطبون في أيام الجمع، والأعياد إلا ما كان من الخليفة المهتدي2 "255-256 هـ"، وفي أخبار الرشيد أنه عهد إلى الأصمعي أن يحفظ ابنه الأمين خطبة يخطب بها الناس في يوم الجمعة3، أما خطابة الوعاظ فيظهر أنه ظل لها غير قليل من الازدهار، فقد كان خلفاء بني العباس يستنون بخلفاء بني أمية في استقبال كثيرين منهم، وكان المنصور خاصة يوسع لهم في مجالسه، وفي كتب الأدب أطراف من تلك المواعظ، ينسب بعضها إلى شبيب بن شيبة4، وبعض آخر ينسب إلى عمرو بن عبيد5، أو إلى الأوزاعي6 أو إلى غيرهم.

وكان المهدي مثل أبيه يستدعي هؤلاء الوعاظ ويستمع إليهم، ويروى أن صالح بن عبد الجليل، وعظه يوما حتى سالت دموعه7، وكان الرشيد يقتدي به، فكان يعظه ابن السماك8 وغيره، وروى ابن قتيبة في عيون الأخبار، وابن عبد ربه في العقد الفريد كثيرا من كلام هؤلاء الوعاظ، وكان وراءهم كثير من القصاص الذين يقصون على الناس في المساجد الجامعة، ومن أشهرهم موسى ابن سيار الأسواري "وكان من أعاجيب الدنيا، كانت فصاحته بالفارسية في وزن فصاحته بالعربية، وكان يجلس في المشهور به، فتقعد العرب عن يمينه، وتقعد الفرس عن يساره، فيقرأ الآية من كتاب الله، يفسرها للعرب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015