واليا، فلما صارت إليه الخلافة أقامه على ديوانه، فنهض بالعمل فيه خير نهوض.

ولما دارت الدوائر على مروان، وانتصرت عليه الجيوش العباسية بقيادة أبي مسلم الخراساني في موقعه الزاب ظل مخلصا له وفيا، ففر معه إلى مصر حيث قتلا في موقعه بوصير1، ويروي المسعودي أن مروان قال له حين أيقن بزوال ملكه: قد احتجت أن تصير مع عدوي وتظهر الغدر بي، فإن إعجابهم بأدبك وحاجتهم إلى كتابتك يدعوانهم إل حسن الظن بك، فإن استطعت أن تنفعني حياتي صنعت، وإلا لم تعجز عن حفظ حرمي بعد وفاتي، فقال له عبد الحميد: إن الذي أشرت به علي أنفع الأمرين بك وأقبحهما بي، وما عندي إلا الصبر، حتى يفتح الله أو أقتل معك، وأنشد:

أسر وفاء ثم أظهر غدرة ... فمن لي بعذر يوسع الناس ظاهره2

وفي ابن خلكان رواية أخرى تزعم أن عبد الحميد اختفى بعد مقتل مروان في الجزيرة، فوقف عليه السفاح، وعذبه حتى مات3، ويروي الجهشياري أنه اختفى عند ابن المقفع ففاجأهما الطلب، وأخذ عبد الحميد4، والصحيح ما ذكرناه أولا من أنه قتل في بوصير مع مروان.

وعبد الحميد أبلغ كتاب الدواوين في العصر الأموي وأشهرهم، وقد ضربت ببلاغته الأمثال، فقيل: فتحت الرسائل بعبد الحميد، وختمت بابن العميد5، ويقول ابن النديم: "عنه أخذ المترسلون، ولطريقته لزموا، وهو الذي سهل سبيل البلاغة في الترسل"6، ويزعم المسعودي أنه أول من استخدم التحميدات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015