أهلها عند قحوط المطر، حتى أرسل الله بالقبول1 يوم الجمعة، فأثارت زبرجا2 متقطعا متمصرا3، ثم أعقبته الشمال4 يوم السبت، فطحطحت5 عنه جهامه6. وألفت متقطعة، وجمعت متمصره، حتى انتضد7، فاستوى، وطما وطحا8، وكان9 جونا10 مرثعنا11 قريبا رواعده، ثم عادت عوائده بوابل منهمل منسجل12، يردف13 بعضه بعضًا، كلما أردف شؤبوت أردفته شآبيب14 بشدة وقعة في العراض15. وكتبت إلى أمير المؤمنين، وهي ترمي بمثل قطع القطن، قد ملأ اليباب16، وسد الشعاب17، وسقى منها كل ساق، فالحمد لله أنزل غيثه، ونشر رحمته من بعدها قنطوا18، وهو الولي الحميد. والسلام".
وواضح أن هذه الرسالة ليست مسجوعة، ولكنها مع ذلك قد أحكمت صنعتها، سواء من حيث اختيار ألفاظها، والذهاب بها مذهب الغريب المقبول، أو من حيث دقتها في تصوير الجذب ثم نزول الغيث، وهو تصوير لا شك قد فكر فيه الحجاج طويلا، قبل أن يحكمه ويضبط التشبيهات، والاستعارات التي تمثله. وكأن شاعر يجمع أشتات خياله، ليؤلف هذه اللوحة البديعة.
ولم تبلغ صنعة الرسائل هذا المبلغ من الإتقان عند الحجاج وحده، فقد كان يشركه في ذلك معاصروه من الولاة والقواد وكتابهما، بل من الخلفاء