من قصائده، فينقل منها جميع شطورها. وكما كان يتعلق بالتضمين كان يتعلق بمعارضة القصائد الماضية؛ فتارة نراه يعارض كعب بن زهير في مديحه للنبي -صلى الله عليه وسلم- بقصيدة لامية على نمط قصيدة، يقول فيها:
ما يمسك الْهُدْبُ دمعي حين أذكركم ... ألا كما يمسك الماءَ الغرابيلُ
وتارة نراه يعارض المتنبي، وأخرى يعارض ابن النبيه فقد عارض قصيدته المعروفة:
يا ساكني السفحِ كم عينٍ بكم سفَحَتْ ... نزحتُم فهي بعد البُعدِ ما نزحتْ
إلا أنه لم يأت معها بطائل1، وتعلق مع هذه المعارضات بالتصنع لاصطلاحات العلوم كقوله:
بلواحظٍ يرفعن جفنًا كاسرًا ... فيُثِرنَ في الأحشاءِ همًّا ناصبا
كما تعلق بصنع الألغاز وهي كثيرة في ديوانه. ومهما يكن فإن روحه ليست خفيفة في شعره، ولذلك يبدو لنا كل ما فيه من تلفيق. وما من شك في أن الجزار تمثِّل روحه مصر في هذه العصور أكثر مما تمثلها روح ابن نباتة، وربما كان ذلك يرجع إلى أنه لم يعش فيها طويلًا وأنه كان تعسًا في حياته شقيًّا، وأيضًا فإنه -كما يبدو من شرحه لرسالة ابن زيدون في كتابه المسمى "سرح العيون"- كان عالِمًا، فبدت في شعره روح العلماء المتزمتين الذين لا يعجبون كثيرًا بالفكاهات والدعابات.