لعل أهم ما يميز الأندلس ترفها ونعيمها ووصف شعرائه لطبيعتها وحسن مناظرها؛ فقد ذهبوا يتغنون بمشاهدها ومواطن الجمال والفتنة فيها، ويشيدون بها أيما إشادة ابن سفر المريني:
في أرضِ أندلسَ تلتذُّ نعماءُ ... ولا تفارقُ فيها القلبَ سرَّاءُ
وكيف لا تبهجُ الأبصارَ رؤيتَهَا ... وكلُّ روضٍ بها في الوَشي صنعاءُ
أنهارُها فضةٌ والمسكُ تربتُهَا ... والخزُّ روضتُها والدَّرُّ حصباءُ
وتفنَّن الأندلسيون تفننًا واسعًا في هذا الجانب وبذلك تركوا مادة كبيرة في شعر الطبيعة وساقهم ترفهم إلى وصف الخمر مع وصف الزهر ثم وصف مجالس الشراب وما ينطوي فيها من قيان. واستتبع ذلك الترف -عندهم- غناء واسعًا كان من آثاره ظهور الموشحات والأزجال. وهذه هي الصورة العامة لشخصية الأندلس، وهي شخصية رشحت لها البيئة والطبيعة.
أما السكان فقد كانوا من عناصر متباينة على نحو ما قدمنا، وجعلهم هذا التباين لا يهدءون ولا يستقرون، بل دائمًا ثورات وحروب داخلية. وأكبر الظن أن هذه الثورات والحروب هي التي جعلت الأندلس لا تستفيد كثيرًا