الكتاب الثالث: المذاهب الفنية في الأندلس ومصر
الأندلس
...
الكتاب الثالث: المذاهب الفنية في الأندلس ومصر
الفصل الأول: الأندلسُ والمذاهبُ الفَنِّيَّةُ
في أرض أندلس تلتذ نعماء ... ولا تفارق فيها القلب سراء
وكيف لا تبهج الأبصار رؤيتها ... وكل روض بها في الوشي صنعاء
أنهارها فضة والمسك تربتها ... والخز روضتها والدر حصباء
ابن سفر المريني
1- الأَنْدلسُ:
من يرى مخطط الأندلس وكثرة ما يجري فيها من أنهار يصب بعضها في المحيط الأطلسي وبعضها في البحر المتوسط يحس جمال هذه البلاد وجمال مناظرها وأوضاعها الطبيعية، وقد أفاض مؤرخو العرب في وصف مشاهدها كما أفاض الشعراء في التغني بمناظرها يقول ابن سعيد: "ميزان وصف الأندلس أنها جزيرة قد أحدقت بها البحار فأكثرت فيها الخصب والعمارة من كل جهة؛ فمتى سافرت من مدينة إلى مدينة لا تكاد تنقطع من العمارة ما بين قرى ومياه ومزارع، ومما اختصت به أن قراها في نهاية من الجمال لتصنيع أهلها في أوضاعها وتبييضها لئلا تنبو العيون عنها؛ فهي كما قال بعض الشعراء فيها:
لاحت قُراها بين خضرةِ أيكِهَا ... كالدُّرِّ بين زبرجدٍ مكنونِ1
ويقول ابن اليسع: "إنه لا يتزود فيها أحد ما حيث سلك لكثرة أنهارها وعيونها، وربما لقي المسافر فيها في اليوم الواحد أربع مدائن ومن المعاقل والقرى ما لا يحصى، وهي بطاح خضر وقصور بيض"2.
وهذه البلاد نزلتها أمم مختلفة قبل دخول العرب فيها، نزلها أول الأمر